الانحراف: دراسة حالة
الهدف
كثيرا ما يستخدم مؤشر الانحراف للتنبؤ بالحركة المستقبلية للسعر. وكغيره من الأدوات المستخدمة في المخططات، فهو لا يقدم توقعات صحيحة بنسبة 100%. لذا يحتاج المرء أن يكون على دراية بمدى دقة هذه الأداة عند إجراء الصفقات اعتمادا عليها. هذا هو الهدف الرئيسي من هذه المقالة – اختبار دقة مؤشر الانحراف. سوف نتعرف على تواتر حدوث الانحراف على المخططات البيانية وإلى أي مدى تتبع الأسعار فعليا الاتجاهَ الذي يتنبؤ به المؤشر.
موضوع الدراسة
بالنسبة لمخطط السعر، اخترنا أحد مخططات أسهم S&P. يعود ذلك بشكل أساسي إلى أن سوق الأسهم تتجاوب مع الترندات العالمية بصورة أكثر تنظيما من سوق العملات. يُسهّل هذا عملية الربط بين تقلبات السعر التي يتم رصدها وبين العوامل الأساسية، وبالتالي فلترة الضجيج (التحركات غير المرغوبة). إضافة لذلك، أردنا تجنب النظرة الأحادية السلبية التي طالت معظم الأسهم على خلفية تفشي الفيروس. لهذا السبب، قمنا باختيار أمازون: التي لم تشهد ارتفاع أو هبوط خاص، علاوة على أنها أظهرت مرونة عالية فيما يتعلق بالتعافي من الخسائر حيث ارتفعت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق مؤخرا.
كنظير لمخطط السعر، سنقوم باستخدام أحد مؤشرات بيل ويليامز - المذبذب الرائع «Awesome Oscillator». وعلى الرغم من وجود مؤشرات أخرى قد تفي بالغرض كالماكد MACD مثلا، فإن المذبذب الرائع أكثر استجابة للسعر، وهو يوفر بالتالي المزيد من حالات الانحراف.
من حيث التوقيت، سوف ننظر إلى أحدث أداء للسعر على اعتبار أنه أكثر واقعية وفائدة للقارئ.
الأطر الزمنية
في هذا الفحص الشامل، قمنا باستخدام الأطر الزمنية H1 و H4 والإطار اليومي. يرجع ذلك في المقام الأول إلى أن هذه الأطر الزمنية الثلاثة تعطي نظرة متوازنة للمتداولين على المدى القصير والمتوسط والاستراتيجي. كما أن الأسهم لا تفضل الأطر الزمنية الأصغر (الدقائق) بل الأطر الساعية واليومية. من وجهة نظر تحليلية، تكشف العوامل الأساسية عن نفسها على أطر زمنية أكبر.
المعايير
يتمثل المحور الأول لتقييم الانحراف بـ الكثافة حسب المدة الزمنية. يشير هذا إلى عدد حالات الانحراف التي تظهر خلال 100 فترة زمنية على المخطط. على سبيل المثال، إذا تم الرصد على 200 فترة زمنية مع ظهور 5 انحرافات خلالها، فإن الكثافة حسب المدة الزمنية تساوي 5/200 = 2.5%. وبالمقابل، إذا ظهر 12 انحرافا خلال 400 فترة زمنية، فإن الكثافة حسب المدة الزمنية تساوي 12/400 = 3%. هذا يعني أن متوسط الانحرافات على كل 100 فترة زمنية يساوي 3 انحرافات.
يظهر التنوع العدد الذي ظهر على الشاشة من كل نوع من أنواع الانحرافات الأربعة. قد يعكس انتشار نوع أو آخر حالة مزاجية صاعدة أو هابطة أثرت على السعر مؤخرا.
يشير عدد التوقعات الصحيحة إلى إجمالي عدد الحالات التي تحرك السعر فيها بما يتماشى فعليا مع خطة التفسير المقبولة المتعارف عليها. على سبيل المثال، إذا تم العثور على انحراف هابط منتظم انخفض السعر بعده ضمن ترند هابط، يتم احتسابه كتوقع صحيح واحد. منطقيا، إذا انخفض السعر بعد انحراف صاعد خفيّ أو تحرك بصورة جانبية، لا يمكن احتسابه كتوقع صحيح.
تعتبر نسبة (الانحراف إلى النتائج) جزءا لا يتجزأ من التوقع السليم من حيث إجمالي عدد الحالات. على سبيل المثال، إذا تماشت 9 من أصل 10 حالات مع الاتجاه ”المفترض“ للسعر وفقا لمؤشر الانحراف، فهذا يعني أن 9 من أصل 10 توقعات كانت صحيحة. وبالتالي فإن النسبة هنا تعادل 90%. بالمقابل، إذا أعطى 2 من 10 انحرافات توقعات صحيحة، فيما تحرك السعر جانبيا أو في اتجاه معاكس ضمن الحالات المتبقية، فهذا يعني أن نسبة الانحراف إلى النتائج تعادل 20% فقط.
النتائج
التفسير
تبيّن أن الإطار الزمني H4 هو الأنسب للعثور على الانحرافات رغم أنه بالكاد تفوق على الأطر الزمنية الأخرى من حيث نسبة الكثافة حسب المدة الزمنية. من الواضح أن عدد الانحرافات التي تم رصدها على كل إطار زمني لا تعني أنه ليس هناك انحرافات لم تُرصد. من المحتمل أن يعثر أي راصدٍ دقيق على المزيد منها. ومع ذلك، فإن حقيقة وجود انحراف واحد تقريبا لكل 100 فترة زمنية على كافة الأطر، تعني أن هذا ما سيجده المتداول العادي على أي مخطط لا على التعيين.
يبدو أن الانحراف الهابط المنتظم أكثر شيوعا مقارنة بالأنواع الأخرى، أما الصاعد الخفيّ فلم يظهر مطلقا على الشاشة. قد يكون هذا صحيحا بالنسبة للفترة التي تمت الدراسة خلالها والتي تأثرت على نحو كبير بتداعيات الفيروس. ومع ذلك، لا ينبغي أن تعزى وفرة الانحرافات الهابطة فقط إلى تحركات السعر الهابطة السائدة على مخطط السعر.
نستنتج كذلك أن مخطط H4 يعطي نسبة توقعات صحيحة أكبر بكثير مقارنة بإطار H1 والإطار اليومي. كانت نسبة التوقعات الصحيحة على مخطط H4 أكبر من 50% (62.5%)، فيما أعطى مخطط H1 والمخطط اليومي توقعات صحيحة بنسب أقل من 50% (37% و 33% على التوالي). من الناحية العملية، قد يكون من الأفضل والأدق والأكثر أمانا رصد وتأكيد الانحرافات على الإطار الزمني H4.
التطبيق
مع أخذ هذه النتائج بعين الاعتبار، لنلقِ نظرة على أحدث أداءٍ لسعر سهم أمازون.
يبدي مخطط H1 حالة انحراف هابط منتظم موضّح أدناه، والذي تبيّن أنه صحيح، حيث يُظهر الجزء الأخير من المخطط ترندا هابطا.
أما مخطط H4 فهو يظهر انحرافا آخرَ هابطا منتظما كبيرا انتهى لتوّه من التشكل. وإذا تذكرنا أن نسبة الدقة على مخطط H4 تعادل 62.5%، نستنتج أننا على حافة ترند هابط كبير يوشك على الحدوث في المستقبل القريب.
بالنسبة للمخطط اليومي، فهو يظهر ذات الانحراف الهابط المنتظم الذي تم رصده على مخطط H4.
خلاصة القول
يستخدم الانحراف على غرار التشكيلات والمؤشرات الأخرى كأداة فنية لتسهيل قراءة المخططات البيانية. وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن يؤخذ مؤشر الانحراف بمفرده بل في سياق الأساسيات. إذا أخذنا هذا بعين الاعتبار، فحتى عندما نرى سعر سهم أمازون يتغلب على تداعيات الفيروس ويتحرك صعودا، يجب توخي الحذر في توقعاتنا الخاصة بهذا الترند الصاعد، وأن نراقب بعناية أية إشارات على انعكاس محتمل. بطبيعة الحال، سيكون هذا اختبارا جيدا آخر لمؤشر الانحراف.