التداول السريع والبطيء

اقرأ المقالة على موقع FBS الالكتروني

كم مرة اتخذت قرارا دون أن تفكر به؟ لنكن صريحين: مرارا وتكرارا. ولا شك أن هناك قرارات تندم عليها. بالمقابل، يستغرق التفكير التحليلي الشامل وقتا أطول، لكنه يساعدك على فهم المهام والقضايا المعقدة. يعتبر الفرق بين اتخاذ القرار البديهي ونظيره التحليلي الموضوعَ الرئيسي الذي يتناوله كتاب "التفكير السريع والبطيء" بقلم دانيال كانمان الاقتصادي الشهير الحائز على جائزة نوبل. يصف الكتاب كيفية اتخاذ الناس لقراراتهم وسبب وقوع الأخطاء في خضمّ هذه العملية. في هذه المقالة، سنحاول تطبيق الأفكار الرئيسية التي يطرحها الكتاب في مجال التداول.

نظامان للتفكير

Infographic-01.jpg

وفقا للكتاب، هناك نظامان للتفكير – النظام الأول والنظام الثاني. يعتبر الأول منهما تلقائيا حيث تقوم بتطبيقه على الفور. هكذا يعمل دماغك: يرى المشكلة، يقارنها بتجارب سابقة، ويقترح عليك حلا. في بعض مواقف الحياة اليومية، لا يتطلب الأمر سوى طرفة عينٍ لتتخذ قرارا نهائيا. على سبيل المثال، كم تستغرق من الوقت لتدرك أن الرائحة التي تشمها تنبعث من دوناتك المفضلة؟ بضع ثوانٍ لا غير. أما النظام الثاني، فهو يتطلب تحليلا أكثر تعقيدا. وهنا عليك أن تستخدم مهاراتك ومعارفك وتترك لدماغك هامشا أكبر.

لنلقِ نظرة على آلية عمل هذين النظامين في مجال التداول. على سبيل المثال، ما الذي قد يتبادر إلى ذهن المتداول المتمرس عندما يقرأ الأخبار على الصورة أدناه؟

3333.png

أول فكرة تراود أي متداول هي ”لقد حان الوقت لشراء الأصول الخطرة!“ يقوم دماغك باستعراض كافة الأصول الخطرة التي تعرفها (بما فيها الأسهم والسلع والعملات والمؤشرات وما إلى ذلك).

لكن ما الذي ينبغي عليك شراؤه لتفادي الأخطاء؟ للإجابة على هذا السؤال، يتم تنشيط النظام الثاني، حيث تبدأ بتحليل المعطيات وصولا إلى اختيار الأصل الذي يستحق أن تتداوله الآن. تبحث عن تأكيدات كأنماط الشمعدانات اليابانية والمخططات البيانية وأية مستويات هامة.  ولا تتخذ قرارك إلا بعد معالجة وتحليل شامل باستخدام النظام الثاني.

التبسيط على أساس النظام الأول

يعتبر النظام الأول دقيقا بشكل عام، لكن هناك حالاتٍ يُظهر فيها بعض التسويف. في الحقيقة، يبحث النظام الأول أحيانا عن إجابات أسهل للأسئلة مقارنة بالطرح.

على سبيل المثال، بعد سماعك عن ارتفاع صاعد في السوق، سارعت لعقد صفقة دون أن تفكر في الأمر مرتين. هذا نابع من الانفعالات والعواطف والخوف من تفويت الفرصة. ومن ثم، خلافا لتوقعاتك، غيرت السوق اتجاهها. هذا لأنك تخطيت الإشارات الهامة التي تحذر من تغير الترند.

WYSIATI: ما تراه هو كل ما هو موجود

Infographic-02.jpg

من الجوانب المثيرة الأخرى التي يهتم بها السيد كانمان ما يعرف بـ WYSIATI – ”ما تراه هو كل ما هو موجود“. تعكس هذه العبارة ظاهرة تقديم استنتاجات بناء على معلومات محدودة. نتيجة لـ WYSIATI، قد يخلص المتداول إلى استنتاجات خاطئة عن السوق اعتمادا على معلومات منقوصة. نظرا لأتمتة النظام الأول، يحدد عقلنا الروابط الظاهرة بين الأحداث. بعد ذلك، يؤكد النظام الثاني الانطباع الأول الذي تشكل لدينا.

كنتيجة لـ WYSIATI، تحدث الأخطاء التالية في كثير من الأحيان.

  • قانون الأعداد الصغيرة. في بعض الأحيان، لا يحتاج المتداول سوى النظر إلى نتائج عينة صغيرة (3 أشخاص) للقفز إلى استنتاج نهائي. على سبيل المثال، قرأت العنوان الرئيسي التالي: ”وفقا للمحللين، فإن الركود قادم“. سوف تخلص مباشرة إلى نتيجة مفادها أن الركود قادم، على الرغم من كونه رأي ثلاثة صحفيين لا أكثر، بل ربما يكونون بالكاد على دراية بشؤون الاقتصاد. سوف تدرك هذه الحقيقة إذا فتحت المقالة وقرأتها بتأنٍّ، لكنك كنت مشغولا بمخاوفك فشرعت بسحب أموالك. لذلك، لتجنب هذا الخطأ السلوكي، يجب عليك التحقق من الأمور طوال الوقت. يوصى بضرورة قراءة الأخبار والتحليلات بعناية والبحث عن مصادرها.
  • العلاقة بين الفرصة العشوائية والسبب. هذا خطأ نراهن على وقوعك في شراكه طوال الوقت أثناء تداولاتك أيها المحلل الفني العزيز.

111.png

هل تتذكر مستوى الدعم أو المقاومة الذي كنت تعتقد أنه قوي بما يكفي بحيث لا يتم اختراقه عند حدوث الارتداد المتوقع؟ ومن ثم على نحو مفاجئ، تم كسر هذا المستوى، وفقدت ثقتك في الإحصائيات. كما كتب كانمان، ”تخضع العديد من الحقائق في الحياة لمبدأ الصدفة، بما في ذلك حوادث أخذ العينات“. وبالتالي، يجب أن ترى دائما الصورة الأكبر، وتفهم حقيقة ما يحدث في السوق، وما يجري الآن، وأن تتبع المزاج العام من حيث الميل نحو المخاطرة. لقراءة المزيد عن هذا الموضوع، ألقِ نظرة على المفكرة الاقتصادية و نصائحنا الخاصة بفهم مزاج المخاطرة.

  • المغالطة السردية. يخرج الناس غالبا بتفسيرات مغلوطة للأحداث السابقة. هل تتذكر القصة النموذجية للمتداول الناجح؟ عندما تقرأها، تقول لنفسك: "واو، التداول يجري في دمائه!" ما لا يتبادر إلى ذهنك هو الخلفية التي تحتوي على الكثير من الأحداث العرضية والخسائر وغيرها مما يتفاداه الكاتب عندما يقص عليك تفرّد هذه الحالة. إذا لم تكن على دراية بالمغالطة السردية، فسوف تبدأ في الاعتقاد بأن الراوي هو "وحش تداول"، أو "خبير لا يشق له غبار" أو ماشابه. لذلك، فنحن نوصي بأن تستمد الإلهام من هذه القصص، لكن ضع في اعتبارك أننا جميعاً بشر. لا يمكنك أن تصبح متداولا لمجرد قراءة الكتب، لكن بوسعك البدء بقصتك الخاصة التي قد تكون أكثر نجاحا!
  • الثقة العمياء. يواجه المتداولون هذا الخطأ في كثير من الأحيان. يتعلق الأمر أيضا بعدم معرفة الخلفية. لنفترض أنك متداول مبتدئ عرف لتوه بشأن الفجوات. ذكر منشور ما على فيسبوك أنه يجب ملء معظم الفجوات.

تفتح مخطط S&P 500، تنتظر الفجوة، … ومن ثم تفتح صفقة بيع. تنسى أن هناك أنواعا مختلفة من الفجوات بما فيها الاستمرارية والعامة. يرتبط ملء الفجوات المتعارف عليه بالعامة منها، أما الاستمرارية فتحدث أثناء ترند صاعد/هابط قوي. وبما أنك تتداول مؤشر S&P 500 الذي يتحرك ضمن ترند صاعد، فأنت أمام فجوة استمرارية، لذا ستخسر المال. وهنا ننصحك بالغوص أكثر في التفاصيل المحتملة قبل أن تدخل صفقة ما.

44553.png

في نهاية المقالة المبنية على دراسة السيد كانمان، لنتذكر معا خمس نصائح هامة لتفادي الحيل العقلية التي يسببها النظام الأول.

  1. ابحث دائما عن التأكيدات؛
  2. لا تخلص إلى استنتاجات بناء على بيانات محدودة؛
  3. اعلم أن جميع القصص التي كتبها عمالقة المجال قد صممت لدفعك إلى الإيمان بتفوقهم؛
  4. حتى عندما تعثر على إشارة تداول جيدة رصدها الآخرون، حاول أن تفهم لمَ عليك فتح صفقة هنا وليس عند 100 نقطة أعلى/أدنى من هذا المستوى؛
  5. حاول التعمق في الحقائق التي تعرفها. تعرّف على كافة إشارات الانعكاس المحتملة ولا تسمح لدماغك بتضليلك.

انقل ما قرأته إلى حيّز الممارسة

FBS Analyst Team

شارك مع أصدقائك:

المماثل

التسجيل الفوري

تحتفظ FBS بسجل لبياناتك لتشغيل هذا الموقع الإلكتروني. بالضغط على زر "أوافق", فأنت توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا.