استراتيجية الشاشة الثلاثية في التداول
مقدمة
يبحث المتداولون المبتدئون غالبا عن أداة سحرية - مؤشر يساعدهم على كسب أموال طائلة. إذا حالفهم الحظ لفترة، يعتقدون أنهم وجدوا الطريق إلى المجد. ولكن عندما ينقلب عليهم السحر، ويبدأون بخسارة المال، يلقون باللوم على المؤشر، ويبحثون عن سواه كمن يدور في حلقة مفرغة.
من البديهي القول أن هذا الاعتقاد خاطئ تماما وينم عن جهلٍ بطبيعة المؤشرات. الأسواق معقدة جدا ولا يمكن تحليلها باستخدام مؤشر واحد. كما تجدر الإشارة إلى أنها ليست مصصمة لتتناسب مع غيرها من المؤشرات. عوضا عن ذلك، يجب استخدامها ضمن تراكيب تغطي جميع الحالات بما فيها تلك التي تتضارب فيما بينها.
ألكسندر إلدر متداول غني عن التعريف، أصدر العديد من الكتب والأدلة الإرشادية الخاصة باستراتيجيات التداول، ومن بينها نهج «الشاشة الثلاثية». يجمع هذا النهج بين عدد من المؤشرات والفلاتر على أساس التخلص من عيوب كل منها على حدى، والعمل على تعزيز نقاط قواها. باختصار، يوفر هذا النهج نظاما ثلاثي المستويات لاتخاذ القرار الأمثل عند التداول. هيا بنا نلقي نظرة عن كثب.
نظرة عامة
أولا، عليك أن تقرر الإطار الزمني الذي سوف تتداول عليه. ويجدر القول أنه بغض النظر عنه، تحتاج إلى إطارين آخرين كجمل مقارنة مع الإطار الأساسي: إطار زمني أعلى يوفر فكرة أكثر شمولية عن السوق، وإطار أدنى يقدم معلومات وبيانات مفصلة عن الوضع الراهن فيها ويساعدك على اختيار مستوى الدخول الأمثل.
على سبيل المثال، إذا أردت التداول ضمن اليوم، يمكنك اختيار مخطط H1 ليكون إطارك الزمني الأساسي، و H4 كإطار أعلى لتكوين فكرة أوضح عن السوق، و M15 لتحديد مستوى الدخول. يتم تمثيل كل إطار منها كشاشة ضمن نظام الشاشة الثلاثية كما يُظهر الجدول أدناه.
الشاشة الأولى
لنفترض أننا نريد فتح صفقة على البلاتينوم. نحتاج ثلاثة مخططات: H4 و H1 و M15. على مخطط H4 الخاص بالبلاتينوم، لاحظنا أن السعر انخفض ثم دخل منطقة تصحيح. بناء على ذلك، نفترض أنه سيرتفع أكثر لمدة من الزمن ضمن مسار هذا التصحيح. وبالتالي، يجب أن نشتري الآن ونبيع عندما يبلغ السعر مستويات أعلى. الخطوة التالية هي التحقق من مشاهداتنا وإخضاعها لعدد من المؤشرات. للقيام بذلك، نفتح قائمة المؤشرات ونضيف مؤشر الماكد «MACD» ومذبذب العشوائية (تظهر الصورة أدناه كيفية القيام بذلك).
نلاحظ أن الماكد قد بلغ أدنى مستوياته تحت خط الإشارة (المنطقة المحددة على الصورة أدناه). بينما أظهر مذبذب العشوائية اختراق الخط السريع (المستمر) للخط البطيء (المتقطع) من الأسفل إلى الأعلى ضمن نطاق ٠-٢٠%. هذا يعني أن كلاهما يشير إلى خضوع السوق لحالة الإفراط في البيع وبالتالي إلى ضرورة الشراء. الآن يمكن القول أننا نملك تأكيدا من مؤشرين على أن مشاهداتنا صحيحة، وأن احتمال نجاح الاستراتيجية التي نتبعها مرتفع. وبالتالي، حان الوقت للانتقال إلى الشاشة الثانية.
الشاشة الثانية
تستخدم الشاشة الثانية لإعادة تأكيد مشاهداتنا على الشاشة الأولى، وتحديد نطاق دخول أكثر وضوحا. ولهذا الغرض نضيف مؤشر القوة النسبية «RSI» إلى المخطط. تُظهر الصورة أدناه كيفية القيام بذلك.
يعتبر مؤشر القوة النسبية «RSI» أداة فنية جيدة تعطي فكرة واضحة عن زخم واتجاه السوق والتوقيت الآمن والمثالي لفتح صفقة ما. وبما أننا نخطط للشراء على تصحيح صاعد، فنحن نبحث عن فرصة لفتح صفقة طويلة الأمد. يُظهر لنا اختراق مؤشر القوة النسبية لمستوى ٣٠% اللحظة المنشودة بكل وضوح. على مخطط H1 الخاص بالبلاتينوم، نلاحظ أنه اخترق مستوى الإفراط في البيع (ذروة البيع). وبالتالي، نستنتج أن الزخم الصاعد في السوق قوي بما فيه الكفاية. يعتبر هذا تأكيدا جديدا على صواب الاستراتيجية التي نتبعها. ويمكننا الآن الانتقال إلى الشاشة الثالثة لاختيار مستوى فتح صفقة طويلة الأمد.
الشاشة الثالثة
لا تتطلب الشاشة الثالثة أي مؤشر محدد. على مخطط M15 الخاص بالبلاتينوم، يمكننا أن نرى بكل وضوح الموجة التي تم تحديدها كنطاق دخول على الشاشة السابقة. لا نحتاج الآن سوى التحقق من أنه لن يحدث أي انعكاس مفاجئ للأسفل، والذي من شأنه دحض افتراض التصحيح الصاعد. ننتظر ارتفاع السعر فوق النطاق المحدد بالتوازي مع المتوسط المتحرك ذو الـ ٥٠ فترة زمنية. يعتبر ذلك إشارة الشراء التي نبحث عنها. يمكن فتح صفقة طويلة الأمد مباشرة بعد الشمعدان الأول الذي يغلق فوق خط المقاومة، مع تحديد مستوى إيقاف الخسارة عند قاعدة الشمعدان السابق الأدنى.
الخلاصة
يظهر المثال الذي تناولناه استراتيجية التداول على ترند صاعد مؤقت ضمن ترند هابط أكبر. بعبارة أخرى، حاولنا ركوب الموجة: ضمن سوق هابطة، نشتري عند القيعان ونبيع عند القمم ضمن كل سلسلة أو متوالية. بالنسبة للسوق الصاعدة، يمكن تطبيق السيناريو المعاكس بنجاح.
والآن، قد يخطر على بالك التساؤل التالي: ماذا إن تحرك السعر عكس توقعاتنا؟ الإجابة بسيطة: لا يوجد نهج تداول يضمن نسبة نجاح ١٠٠%. الأمر يتوقف على المتداول بنسبة كبيرة، حيث يجب عليه البحث عن الظروف الأمثل لتطبيق هذا النهج، والعمل على إتقان هذا الأمر مع الوقت والخبرة. إن مبدأ هذه الاستراتيجية بسيط جدا: تطبيق عدة فلاتر سعيا وراء اتخاذ أفضل قرارات التداول، والاستفادة من عدة مؤشرات لفتح صفقات ناجحة.