انحياز الترسية في التداول

اقرأ المقالة على موقع FBS الالكتروني

cover (1).png

أحيانًا نتخذ قرارات عفوية دون التفكير الجيد. وعلى الرغم من أننا ربما نشعر بأن لدينا أساسًا جيدًا لاتخاذ الإجراء، إلا أن النتائج النهائية تبقى مخيبة للآمال. ويعود ذلك إلى حالة نفسية تسمى انحياز الترسية. يؤثر هذا الانحياز على عملية صنع القرارات ويعكس تصورنا لأفعالنا.

في هذا المقال، ستتعلم عن مفهوم انحياز الترسية وأسبابه وخطورته، وكيف يمكن تجنب تأثيره على تداولاتك.

ما هو انحياز الترسية أو الارتساء؟

انحياز الترسية هو الانحياز النفسي الذي يحدث عندما تُقبل المعلومات التي تُقدّم لشخص ما كنقطة مرجعية رئيسية في صنع القرارات اللاحقة. هذه المعلومات، أو "المرجع"، تؤثر على كيفية تفكير الشخص في مشكلة ما، و تجعله يركّز على هذه المعلومات حتى لو كانت غير متعلّقة بهذه المشكلة بالذات، و دون النظر إلى أي بيانات إضافية قد تظهر في وقت لاحق.

يعدّ انحياز الترسية مشكلة منشرة جدا في التداول. حيث أنّها تؤثر على الصورة النهائية التي يراها المتداول عن المعاملات السابقة، و يمكن أن تؤدي إلى اتخاذ القرارات الخاطئة والخسارة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يصرّ المتداولين على الاحتفاظ بالصفقات الخاسرة، إذا كانوا يعتقدون أن الأسعار الحالية غير عادلة أو غير مرضية مقارنة بالأسعار التي دفعوها للشراء. هذا يعني أنه إذا كانت الأسعار تتغير بشكل كبير، فإن المتداول قد يبقى عالقا في صفقة خاسرة بسبب انحياز الترسية.

كيف يحدث انحياز الترسية؟

غالبًا ما يُستخدم انحياز الترسية عمدا كطريقة لدفع الناس إلى اتخاذ القرار ما. فمثلاً، تُستخدم هذه الاستراتيجية على نطاق واسع في وكالات السيارات، حيث ينتهي الأمر بالمشتري بالاتفاق على سعر أقل مما طلبه البائع في البداية. مما يجعل المشتري يشعر بأنه نجح في الحصول على صفقة جيدة. في الواقع، يعد هذا الأمر خطوة مدروسة من جانب البائع. و لكن غالبا ما تكون هذه حركة مدبّرة من جانب البائع. الذي يضع السعر الأولي أعلى من السعر الفعلي للمركبة، يستغل البائع عدم قدرة المشتري على تحليل العرض بشكل نقدي تحت الظروف الحالية. ينتهي المشتري بالاتفاق على الخيار الذي يعتقد أنه أكثر جاذبية في الوقت الراهن، مع أنّه كان بإمكانه العثور على عرض أفضل لو كانت لديه معلومات أكثر(عند زيارة وكالات سيارات أخرى ومقارنة الأسعار، على سبيل المثال).

ويمكن أن يحدث انحياز الترسية أيضا بشكل غير مقصود، عندما يعتمد الناس تلقائيا على المعلومات الأولية المتاحة لهم كمصدر وحيد و موثوق لاتخاذ قراراتهم النهائية. على سبيل المثال، عندما يستنتج مشتري أن متوسط سعر السيارة التي يريد شراءها هو 10000 دولار. فهذا يجعله يعتقد أن السيارة التي يبلغ سعرها 8500 دولار قد تكون تعاني بعض المشاكل و العيوب، و يفوّت فرصة شرائها.

1096-03.png

كيف يؤثر انحياز الترسية على التداول والاستثمار

عندما يتعلق الأمر بالتداول أو الاستثمار، فإن انحياز الترسية يمكن أن يخدع المتداولين. يمكن لهذا الانحياز أن يخدع المتداول أو المستثمر، ويجعله يتخذ قرارات استثمارية خاطئة، مثل شراء أصل مالي بأكثر من سعره الحقيقي أو بيعه بأقل مما يمكن. كيف يؤثر انحياز الترسية على التداول والاستثمار.

على سبيل المثال، إذا اشتريت أسهمًا بقيمة 100 دولار دون أي بحث مسبق عن العوامل الأساسية للسوق مثل معدل نمو الشركة، الأرباح الخ، فقد لا تتمكن من بيعها بسعر أعلى، أو حتى تحقيق أي ربح على الإطلاق. إذا انخفض سعر الأسهم دون مستوى 100 دولار واستمر السعر في الهبوط، قد تشعر بالتردد في التخلص منها وتواصل الاحتفاظ بها، على أمل أن يرتفع سعرها مجددا. و لكن أنت لن تفكر، ربما أن سعر 100 دولار الذي اشتريت به هذه الأسهم كان خطأ. حيث تأثرت بأول سعر رأيته و"رسي" تفكيرك على الشراء بذلك السعر الأعلى من القيمة الحقيقية للأصل المالي. يحدث هذا للكثير من الأشخاص العاملين في الأسواق المالية، ولكن ذلك لا يعني أنهم يدركون هذه الأفكار الراسية في عقولهم (دون وعي) تمنعهم من إجراء صفقات ناجحة.

من ضمن أهم الأفكار الراسية نذكر الأسعار التاريخية السابقة، والمؤشرات المالية، وحجم المبيعات، وأعلى مستوى سعري. الكثيرون يستخدمونها كنقطة ارتكاز لاتخاذ القرارات الاستثمارية، ولكن قد تؤدي إلى خيبة الأمل.

أسباب انحياز الترسية في التداول

هناك أسباب مختلفة لحدوث انحياز الترسية الذي يخلق الكثير من المشاكل للمتداولين. وفيما يلي الأسباب الرئيسية التي تجعل المتداولين يتمسكون بالصفقات الخاسرة، بوعي أو دون وعي.

نقص الخبرة

عندما يتّخذ المتداولون المبتدئون أول خطواتهم في مجال التداول، قد يشعرون بالارتباك بسبب الكثير من المعلومات التي يجب عليهم متابعتها. وتعلم كيفية تحليل و تفسير بيانات و أخبار السوق يحتاج إلى الكثير من الوقت. و لهذا قد يكون من المغري بالنسبة لهم اتخاذ القرارات بناءً على أول معلومة يحصلون عليها. بصرف النظر عن جودة و قوة هذه المعلومة و مدى ارتباطها بالصفقة. بصرف النظر عن جودة و قوة هذه المعلومة و مدى ارتباطها بالصفقة.

انحياز التأكيد

لدى الجميع آراؤهم ومعتقداتهم الخاصة. ولهذا السبب يميل العديد من المتداولين إلى العمل بالمعلومات التي تتوافق مع توقعاتهم المسبقة حول السوق. عند حدوث هذا، يصعب تقييم المعلومات بشكل موضوعي، خاصةً عندما تكون هناك بيانات تتعارض مع آراء وتفضيلات المتداول. وهذا يجعلهم يقبلون بسرور أفكارهم المسبقة ويتخذون قرارات يمكن أن تجلب لهم نتائج مخيبة للآمال فيما بعد.

الارتباطات العاطفية

لا يُعد غريبًا على المتداولين الإحساس بالارتباط العاطفي بصفقاتهم. حيث يتعلّقون بفكرة قوة صفقاتهم و إمكانية نجاحها، متمسكين بالأمل في أن يتحرك السعر في الاتجاه الموافق لتوقعاتهم. ومع ذلك، فإن التعلق العاطفي بالصفقات يعني أنهم لن يكونوا قادرين على تحليل السوق بموضوعية واتخاذ أفضل القرارات المتعلقة بالأصول المالية التي بحوزتهم.

الاعتماد على معلومات غير دقيقة

طريقة أخرى للوقوع في فخ تحيّز الترسية هي بالاعتماد على معلومات غير دقيقة و اتخاذ جميع قرارات التداول على تقديرات متوسطة أو رأي أحد المحللين. لتجنب انحياز الترسية في التداول، ينبغي عدم الاعتماد على معلومات محددة أو تقديرات متوسطة،. وبدلاً من ذلك ينبغي البحث والتحليل من مصادر مختلفة وتقييم الأدلة بشكل منطقي وهادئ، والاستفادة من الموارد المتاحة لتحسين فرص التداول وتطوير استراتيجية فعالة.

1096-02.png

كيفية تجنب انحياز الترسية في التداول

انحياز الترسية يمكن أن تكون له تداعيات شديد الْخَطَر على المتداولين والمستثمرين، حيث يجعلهم يستندون في اتخاذ قراراتهم على أول معلومة يطّلعون عليها في السوق.

ومن أجل تجنب هذا الانحياز في التداول أو الاستثمار، يمكن الاستعانة بالإستراتيجيات التالية:

  • متابعة الأخبار. يمكن تجنب انحياز الترسية بواسطة المتابعة الدائمة لآخر أخبار و التطورات في السوق، وعدم الاعتماد إلى معلومات قديمة. ويمكن بواسطة المنصات المتاحة في السوق، مثل FBS، الحصول على آخر أخبار أسواق المال بسرعة وتحديثها بشكل منتظم.
  • التركيز على النتائج على المدى الطويل . من السهل الاحتفاظ بالصفقات الحالية عند النظر فقط إلى النتائج الحالية للحصول على ربح سريع. ولكن عند التركيز على النتائج طويلة المدى،هذا يجعلك أكثر تقبلا لأي نتائج سلبية حالية و السعي للاستفادة من تقلبات السوق المستقبلية.
  • وضع استراتيجية. يمكن لاستراتيجية تداول متقنة أن توفر لك مجموعة من القواعد والإرشادات التي ستساعدك على تجنب الوقوع في انحياز الترسية. وباستخدام نظام محدد واضح، تصبح أقل عرضة للوقوع ضحية للعواطفك، وأكثر قدرة على التفكير الموضوعي عند اتخاذ القرارات.
  • الاطلاع على مصادر متعددة. السماع لآراء مختلفة من مصادر متعددة يمكن أن يساعدك على تجنب الوقوع في انحياز الترسية عند فتح صفقات تداول جديدة.
  • حافظ على تركيزك . الحفاظ على التركيز و الانتباه إلى أفكارك يساعدك على تجنب الانحيازات العقلية الشائعة، مثل انحياز الترسية وغيرها. يمكنك الاستعانة بإجراء حصص التأمّل لتحرير عقلك من العواطف وتخفيف التوتر. وذلك لتعزيز التركيز والتفكير الواعي وتقليل تأثير العوامل النفسية السلبية على قراراتك.

كيف تستخدم انحياز الترسية لمصلحتك؟

يمكن استخدام انحياز الترسية بطريقة تعمل في صالحك. حيث يمكنك مثلا في عند إجراء عملية بيع أو التفاوض على راتب وظيفة جديدة ذكر سعر أعلى في البداية. وبذلك، يتم إنشاء مرجع في ذهن الطرف الآخر، بحيث يبدو العرض اللاحق كصفقة جيدة بالنسبة له.ويمكن استخدام هذه الاستراتيجية بشكل فعّال في الأعمال التجارية لتحقيق مزيد من النجاح في المفاوضات. ومع ذلك، يجب مراعاة أن انحياز الترسية يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على عملية اتخاذ القرارات، لذا ينبغي الحرص على تجنبه عند التداول.

الخلاصة

يعدّ انحياز الترسية من العوامل المدمرة في عالم التداول. ومن خلال تعلم كيفية التعامل مع الانحياز النفسي واستخدام مصادر مختلفة للمعلومات، يمكن للمتداولين أن يصبحوا أكثر نجاح ويفهموا السوق بشكل أفضل. ولتحقيق ذلك، يجب على المتداولين عدم تحديد نقطة انطلاق ثابتة، واستخدام أدوات وموارد المنصات التداول المختلفة للمساعدة في اتخاذ القرارات بشكل صحيح ومنطقي. كما يتعين عليهم الحفاظ على وعي دائم وتحليل البيانات بشكل صحيح لتجنب هذا الانحياز وإجراء صفقات أكثر فعالية وتحقيق نتائج أفضل في التداول.

تحتفظ FBS بسجل لبياناتك لتشغيل هذا الموقع الإلكتروني. بالضغط على زر "أوافق", فأنت توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا.