سيكولوجية المقامرة في التداول

اقرأ المقالة على موقع FBS الالكتروني

cover.png

يقرر الكثير من الناس بدء التداول لأنهم يعتقدون أنها طريقة سهلة وسريعة لكسب المال. فيعاملون التداول على أنه لعبة، ويقعون ضحية لما يسمى بسيكولوجية القمار. سنتعرّف في هذه المقالة على ماهية سيكولوجية المقامرة، وكيف يمكن أن تؤثر على تداولك وطرق تجنبها.

أهم الدروس المستقاة

  • تجعل سيكولوجية القمار المتداولين يجرون المزيد من الصفقات الأكبر حجماً دون التفكير فيها.
  • تختلف المقامرة في حد ذاتها اختلافاً كبيراً عن التداول لأنها لا تتطلب الكثير من المهارة أو المعرفة.
  • تؤدي المقامرة أثناء التداول حتماً إلى سلسلة من الخسائر وقد تؤدي حتى إلى خسارة المتداولين لحساباتهم.
  • لتجنب سيكولوجية المقامرة، يحتاج المتداولون إلى دراسة تداولاتهم بعناية ووضع إستراتيجية تداول حازمة.

ما هي سيكولوجية المقامرة؟

يشير مصطلح “سيكولوجية المقامرة” إلى العقلية الشائعة بين المقامرين. حيث يراهن اللاعبون بأموالهم على نتيجة عشوائية في لعبة على أمل الفوز ومضاعفة أموالهم. فلا يأخذون في الحسبان احتمالات الفوز أو الخسارة في هذه اللعبة، ولا يتعلمون الآليات الكامنة وراءها لتطوير إستراتيجية الفوز.

ما يهتم به المقامرون هو الإثارة واندفاع الأدرينالين الذي يحصلون عليه من المخاطرة. بالطبع يفوزون في بعض الأحيان، مما يكافئ أسلوبهم غير المنتظم في المقامرة. لكن في معظم الأوقات، يخسر اللاعبون أموالهم فقط للمقامرة مراراً وتكراراً. والسبب هو أنه حتى أصغر فرصة للفوز كافية لإبقائهم في حالة توتر ورغبة للمزيد. لذلك يوجد مقامرون قهريون ينتهي بهم الأمر في بعض الأحيان إلى خسارة ممتلكاتهم بالكامل بسبب القمار.

للأسف، يأتي الكثير من المتداولين الجدد إلى عالم التداول بعقلية المقامرة هذه. إنهم لا يعتبرون التداول مهارة، بل يعتبرونه طريقة أخرى لتحقيق مكاسب سريعة بأقل قدر من الجهد. وحتى المتداولين الأكثر خبرة يمكن أن يقعوا في هذه العقلية، في محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح في فترات زمنية قصيرة دون الرجوع إلى استراتيجيتهم. مما يجعلهم يتخذون قرارات متهورة تؤدي عادة إلى خسارة الأرباح ويمكن أن تنتهي أحياناً بانهيار حساباتهم.

ما هي أعراض ودلائل سيكولوجية المقامرة؟

هناك أعراض سلوكية تظهر على المتداولين الذين يتبنون عقلية المقامرة هذه.

عندما يقرر المتداولون الجدد بدء التداول، فعادة ما يكون لديهم فهم غامض للغاية لما يتطلبه هذا النشاط. فهم لا يعرفون الاستراتيجيات والأنماط، والتحليل الفني والأساسي، وكيف يمكن للأخبار الاقتصادية والجغرافيا السياسية أن تؤثر على أسعار الأصول. بالنسبة لهم، أسهل طريقة لكسب المال هي شراء أصل ثم بيعه عندما يرتفع السعر. في بعض الأحيان، تنجح هذه الطريقة ويربحون، مما يعزز فكرة أن التداول أمر بديهي ويمكن التنبؤ به.

كما هو الحال في المقامرة الحقيقية، يميل المتداولون الذين لديهم عقلية المقامرة إلى زيادة أحجام تداولاتهم بشكل مطرد، على أمل أن يجلب لهم ذلك المزيد من الأرباح. ما يغفلون عنه هو أن تداول كميات كبيرة من الأصول في مركز واحد يؤدي أيضاً إلى تضخيم المخاطر وخسائرها المحتملة.

تعدّ استراتيجية مارتينجيل مثال أساسي على سيكولوجية المقامرة في التداول. تعتمد هذه الإستراتيجية على افتراض أنه بمضاعفة مبلغ المال الذي وضعه المتداولون في صفقتهم التالية، فإن لديهم فرصة بنسبة 50% لاسترداد خسائرهم السابقة. في حال لم تنتهِ هذه الصفقة في مصلحة المتداول، يقوم بمضاعفة مبلغ الأصول المتداولة مراراً وتكراراً، حتى تعمل الاستراتيجية ويتم استرداد الخسائر. ولكن يمكن أن تستمر لعبة القط والفار هذه لفترة طويلة جداً ويكون احتمال أن يفقد المتداول أمواله أكبر من استعادة خسائره.

CREATIVE-781-1.png

ما هو الفرق الأساسي بين التداول والمقامرة؟

السبب الرئيسي لانتشار سيكولوجية المقامرة في التداول هو أن غالباً ما يتم تصوير التداول على أنه لعبة من قبل وسائل الإعلام. يتعامل الناس مع التداول والاستثمار على أنه هواية، أو كعمل ثانوي يحتفظون به لأوقات الملل. ويقرّر الكثير من الوافدين الجدد تجربته لمجرد أن الجميع يفعل ذلك ويحتاجون إلى مواكبة الصيحات. نادراً ما ينتهي هذا الأمر جيداً لأن التداول يتطلب الكثير من الوقت والجهد في البحث والاستعداد للصفقة.

بالطبع، يعتمد كل من المقامرين والمتداولين على الفرص والاحتمالات. لكن تختلف طبيعة كلا النشاطين اختلافاً كبيراً، ويحتاج كل متداول إلى معرفة ما الذي يجعل التداول مختلفاً عن المقامرة.

التحكّم

لا يحتاج المقامرون إلى بذل الكثير من الجهد أو التفكير في أفعالهم. إنهم ببساطة يضعون رهاناً وليس لديهم أي سيطرة تقريباً على النتيجة.

التداول مختلف في هذه الناحية. يدرك المتداولون جيداً أن كل صفقة تنطوي على مخاطر وقد يخسرون المال، لكن يمكنهم إلى حد ما التحكم في النتيجة. حيث يمكنهم وضع أوامر الإيقاف أو الخروج من الصفقة في وقت أبكر مما خططوا له في الأصل للحد من خسائرهم. يمكنهم الانتظار لمعرفة ما إذا كان السوق يتحرك في اتجاه أكثر ربحية. يمتلك المتداولون سيطرة أكبر على تداولاتهم ويمكنهم التأثير على أرباحهم، بشرط أن يتصرفوا بعقلانية ويفكرون بتمعّن قبل اتخاذ أي خطوة.

المهارة

على الرغم من أن المقامرين قد يكونوا ناجحين، إلا أن المقامرة هي في الأساس لعبة احتمالات. لا يتطلب الأمر الكثير من المهارة والبصيرة والمعرفة.

من ناحية أخرى، يحتاج المتداولون إلى امتلاك مستوى عالٍ من المهارة والذكاء والفهم لكيفية عمل الأسواق من أجل إنجاز أكثر التداولات ربحية. يستغرق الأمر وقتاً وجهداً وتفانياً في تعلّم جميع المعلومات المطلوبة للتداول، والمزيد من الاجتهاد لتعلّم استخدام هذه المعرفة في الحياة الواقعية.

القيمة المتوقعة

بغض النظر عن عدد المرات التي يتمكن فيها المقامرون من الفوز، فإن الكازينو هو الذي يستفيد أكثر من أفعالهم على المدى الطويل. يعرف الكازينو متى يسمح للمقامرين بالفوز لضمان عودتهم وإنفاق المزيد من أموالهم على المقامرة. تسمى هذه الظاهرة بالقيمة السلبية المتوقعة، مما يعني أن خسائر اللاعب ستفوق مكاسبه دوماً.

في التداول، من الممكن جداً الوصول إلى القيمة الإيجابية المتوقعة إذا قام المتداول بإنشاء استراتيجية تداول سليمة ووضع خطة شاملة لإدارة المخاطر. لهذا السبب يوجد الكثير من المتداولين الذين قاموا بالتداول في حياتهم المهنية وأصبحوا قادرين على تحقيق دخل ثابت من أرباح التداول الخاصة بهم.

سلبيات سيكولوجية التداول

  • التداول المفرط. يعتبر الإفراط في التداولأحد السلوكيات الناجة عن عقلية المقامرة. يحدث ذلك عندما يركز المتداولون بشكل كبير على الأرباح ويحاولون إجراء الكثير من الصفقات دون التفكير ملياً في الأمر. ولكن من خلال القيام بذلك، فإنهم يخاطرون بفقدان الأموال التي استثمروها في هذه الصفقات. لا يستطيعون عادةً مواكبة جميع الصفقات وينتهي بهم الأمر بخسائر أكثر مما قد تعرضوا له من قبل.
  • القرارات المتهورة. تدفع سيكولوجية المقامرة المتداولين للتخلي عن التفكير العقلاني. فهم يريدون كسب المال في أسرع ما يمكن وعدم إضاعة أي وقت في البحث عن صفقاتهم المحتملة. ولكن من المرجح أن يجلب لهم هذا الاندفاع المزيد من الخسائر.
  • عدم وجود استراتيجية وإدارة المخاطر. يعتقد المتداولون الذين لديهم عقلية المقامرة أن بناء استراتيجية قوية غير مجدي. فهم يريدون الحصول على أكبر قدر ممكن من المال من كل صفقة. لا يضعون أوامر جني الأرباح أو الإيقاف، على أمل تحقيق مكاسب كبيرة من كل صفقة. لكن هذا السلوك الخاطئ لا يعود بالربح أبداً في النهاية.
  • اللهث خلف الخسائر. تجعل عقلية المقامرة المتداولين يواصلون وضع المزيد من الصفقات على أمل تعويض الخسائر التي تكبدوها سابقاً. لكن هذا يزيد فقط من فرصة حدوث المزيد من الإخفاقات إذ عادة ما تفتقر أفعالهم إلى الإستراتيجية والبحث.

كيف تتغلب على سيكولوجية المقامرة في التداول؟

تؤثر سيكولوجية المقامرة بشكل أساسي على المتداولين الجدد الذين لديهم فهم بدائي للغاية لكيفية عمل الأسواق المالية. لذا فإن أفضل طريقة للتخلص منها هي تثقيف نفسك حول أكثر الاستراتيجيات والأنماط وأدوات إدارة المخاطر شيوعاً وغيرها. من المفيد أيضاً تحديد نطاق اهتمام واحد (الفوركس والأسهم والعملات الرقمية) وتحسين مهاراتك هناك بدلاً من محاولة استكشاف كل شيء مرة واحدة. هناك العديد من البرامج التعليمية والموارد مع نصائح حول كيفية التعامل مع عواطفهم وكيفية تحقيق سيكولوجية المتداول المناسبة. يمكنك أيضاً التعلم من خلال ممارسة التداول بكميات صغيرة لفهم كيفية عمل السوق بالفعل. بمجرد حصولك على المعرفة الكافية، يمكنك أخيراً بناء إستراتيجيتك الخاصة ووضع خطة لإدارة المخاطر للحفاظ على تماسك تداولاتك وربحيتها.

الخلاصة

إن عقلية المقامرة حالة ذهنية خطيرة للمتداولين لأنها تجعلهم يتخذون قرارات متهورة وغير عقلانية. لتجنب ذلك، يحتاج المتداولون إلى بذل جهد لبناء إستراتيجية تداول والالتزام بها حتى عندما يشعرون بالحاجة إلى تداول مراكز أكثر أو أكبر. ليس التداول لعبة قمار، لذلك فهو يتطلب بحثاً دقيقاً وتركيزاً وتفانياً من المتداولين لتأمين ربح ثابت.

تحتفظ FBS بسجل لبياناتك لتشغيل هذا الموقع الإلكتروني. بالضغط على زر "أوافق", فأنت توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا.