تأثير الهالة في التداول
في بعض الأحيان، قد تجد نفسك تفكر في الاستثمار في شركة معينة بسبب سمعتها الممتازة، دون أن تأخذ في الاعتبار المعلومات الحقيقية حول منتجاتها وأدائها في السوق. إذا حدث لك ذلك، فتهانينا، لأنك تعرضت لتأثير الهالة.
تأثير الهالة نوع من التحيز الإدراكي يجعلنا نميل لتفضيل شخص أو شيء أو عملية ما بناءً على سمة محددة نُميِّزها نحن. تأثير الهالة هو عقلية نمطيّة عندما نعتبر جانبًا واحدًا أمرًا أساسيًا، ويصبح هذا الجانب عاملًا حاسمًا في خلق الإدراك بأكمله.
في هذه المقالة، سنتناول جوهر تأثير الهالة وكيف يؤثر على الأعمال والتداول. ستجد أمثلة محددة لشرح هذا التأثير، وكيف يمكن أن يكون مضرًا، بالإضافة إلى طرق التغلب عليه.
الأسباب وراء تأثير الهالة
ينتشر تأثير الهالة في المجتمع ويؤثر على جميع جوانب حياتنا. تجعلنا هذه الظاهرة النفسية نشكل آراءً معينة استنادًا إلى بعض السمات المفضلة. والسؤال هنا، ما هي الأسباب؟
نقص الوقت وضغط تدفق المعلومات
في العصر الحديث، يتعرّض الناس لتدفّقٍ سريعٍ للمعلومات. يجد الناس أنفسهم غالبًا يتخذون قرارات سريعة دون تحليل عميق وتأمل، وهذا هو السبب الرئيسي وراء تأثير الهالة. عندما نواجه مواقف غير مألوفة أو حالات تحتاج إلى تقييم دقيق للعديد من العوامل، يميل الناس إلى الاعتماد على المعلومات القليلة التي يملكونها مسبقًا ويعطونها الأولوية، متجاهلين العوامل الأخرى بسبب الوقت المحدود وكثرة المعلومات.
تجاهل المعلومات غير المرغوب فيها
سبب آخر وراء تأثير الهالة هو رغبتنا في تأكيد الآراء الشخصية المتجذِّرة وتجاهل المنطق المخالف لأفكارنا. الأمر هو أن الدماغ البشري لا يُركِّز على الحقائق غير المرغوبة ويضاعف من أهمية المعلومات التي نميل إليها بشكل أكبر.
الصور النمطيّة
تسيطر الصور النمطية على المجتمع ولا يمكننا إنكار ذلك. النماذج النمطية هي تصورات مبسطة وثابتة لأي شيء. بوصفها أنماطًا جاهزةً للإدراك، تُقلِّل الصور النمطية من الوقت الذي يحتاجه الأشخاص للاستجابة وجهودهم الفكرية، لكنّها تحدُّ من قدرة الناس على خلق آراء وأفكار جديدة.
المكانة الاجتماعية العالية
غالبًا ما يبدو الأشخاص المشهورين أو ذوي المكانة الاجتماعية العالية أفرادًا ذوي إرادة قوية وأخلاق عالية. في الواقع، قد يكون لهؤلاء الأشخاص خلفيات مظلمة، أدت إلى شهرتهم أو إلى إنجازاتهم الكبيرة. ومع ذلك، يؤدي التركيز على المكانة العالية لهذا الشخص إضافة إلى قوة شخصيته إلى الاعتقاد بأن هذا الشخص غاية في اللطف.
تأثير الهالة في الأعمال
كما ذكرنا سابقًا، يمكن لتأثير الهالة أن يظهر بوضوح في جميع جوانب حياتنا، ومجال الأعمال ليس استثناءً هنا. ينطبق هذا التأثير على العلاقات بين الشركات و التواصل مع العملاء والجهات الأخرى.
ظاهرة تأثير الهالة تنتشر بشكل كبير عندما يقوم المشرفون بتقييم أداء الموظفين. يحدث ذلك عندما يُقيِّم أرباب العمل موظفيهم بناءً على الانطباع العام بدلاً من تقييم جودة عملهم وإنجازاتهم المهنية. يُلحق هذا التحيز المعرفي الضرر بالموضوعية ويصبح في النهاية أساساً لاتخاذ القرارات المتعلقة بالمستقبل المهني للموظفين. يؤدي هذا التفكير غير السليم والمتحيز إلى تعطيل نمو الشركة في مرحلة ما.
يؤدي تأثير الهالة أيضاً إلى خلق سوء فهم حول الصورة العامة للشركات. يعتقد الناس أحياناً أن النمو المستقر لربحية الشركة هو مفتاح نجاح الشركة وكسبها ثقة العملاء. تصبح الشركة ككل موثوقة ومستقرة تلقائياً في أعين المقيمين فقط استنادًا إلى الجانب المالي. يجعل ذلك من استراتيجية الشركة، بغض النظر عن مضمونها، ناجحة في أعين المجتمع.
وبالتالي، عندما سعت شركة "Cisco Systems" لشراء الشركات الصغيرة لاستخدام أساليبها وتقنياتها لتوسيع أداء "Cisco"، كان المجتمع، بما في ذلك كبار المديرين والمستثمرين، على ثقة تامة بأن هذه الاستراتيجية كانت قوية لأن الشركة كانت تزدهر وتحقق أرباحًا. ومع ذلك، امع ذلك، حكم الناس على هذه الاستراتيجية وانتقدوها عندما واجهت الشركة أزمة مالية.
يظهر الشكل الآخر لتأثير الهالة في الأعمال التجارية عندما يتوصل المستهلكون إلى استنتاج حول الشركة بأكملها اعتمادًا على منتجٍ واحدٍ فقط أعجبهم. يُساعد هذا التحيز المعرفي الشركات على زيادة مصداقية العلامة التجارية وتحقيق مبيعات أكبر. على سبيل المثال، نجحت جودة الآيفون في جعل الناس يعتقدون أن جميع منتجات "Apple Inc." فريدة واستثنائية. وبالتالي، ساعد تأثير الهالة الإيجابي شركة "Apple" في جذب مليارات المستهلكين وعددٍ كبير من المستثمرين.
تأثير الهالة في التداول
يمتدُّ تأثير الهالة إلى المتداولين أيضًا. غالبًا ما يقع المتداولون فريسة لهذا التحيز الإدراكي أثناء عملية صنع القرار، مما يؤدي بهم إلى الوقوع في فخ إجراءات التداول غير العقلانية والتي لا أساس لها من الصحة. تتسلّل هذه الهالة إلى أذهانهم بطرقٍ مختلفة، وسنناقش بعضها بمزيد من التفصيل.
التقييم غير المكتمل للشركة
تحت تأثير الهالة، يقيّم المتداولون الشركات بشكل متحيّز، و يُسلِّطون الضوء على الجوانب الجيدة للشركة ويتجاهلون الجوانب الأخرى. في كثير من الأحيان، يخلق هذا التحيز المعرفي انطباعًا عامًا مُضلِّلًا عن الشركة يتسبَّب في قرارات تداول أو استثمار غير معقولة لصالح الشركة. وبالتالي، يعطي المتداولون الأولوية لحقيقة الأرباح المتزايدة باستمرار للشركة، معتقدين أنها لن تتوقف أبدًا.
على سبيل المثال، سعى المتداولون إلى شراء أسهم تسلا مع نمو قيمتها تدريجياً، واعتقد الجميع أن السعر سيستمر في النمو. ولكن في عام 2022، تعرَّضت الشركة لانخفاض حادٍّ وغير متوقَّع بسبب المنافسة القوية من فورد وجنرال موتورز.
المغالاة في تقدير أهمية البيانات التاريخية
يعتقد العديد من المتداولين فعلًا بأن الجانب التاريخي لتحركات الأسعار أساسي وأنه وحده الذي يمكنه تحديد التغيرات المستقبلية في أسعار الأصول وتحقيق النجاح. مع ذلك، فإن هؤلاء المتداولين يقللون بشكل صارخ من العشوائية التي تحكم اللعبة. من المستحيل التنبؤ بعوامل مثل ارتفاع تقلّبات السوق والتغيّرات في هيكل السوق وحالات هبوط السعر والاستعداد لها. قد تكون لديهم استراتيجية متقنة تعتمد على الأداء السابق، لكن ماذا عن العديد من العوامل الأخرى التي تُكمِل ما تبقى من الصورة؟ يجب على المتداولين أن يتذكروا أن الأداء السابق لا يضمن النتائج المستقبلية وعليهم اتخاذ قرارات مبنية على تحليل شامل للسوق ومراعاة العوامل غير المتوقعة.
التبعية العمياء للقائد
نعلم جميعًا أنه من الضروري الاستماع إلى رأي المحترفين والاقتداء بالأشخاص الناجحين. لكن في بعض الأحيان يصبح المتداولون معتمدين بشكل زائدٍ على أفكار وقرارات شخص معين، ويتبعون ببساطة خطوات التداول للمتداولين ذوي السمعة الطيبة دون إجراء تحليلهم الخاص للسوق.
جميع المحترفين هم أشخاص مثلنا، فماذا عن العنصر البشري؟ يجب عليهم أن يتذكروا أنهم يمكن أن يرتكبوا أخطاء استراتيجية أو يصبحوا عاطفيين جدًا أو يتعرضوا لخسائر بسبب انعدام الانضباط. لذلك، من الضروري تجنب تأثير الهالة الناجم عن غريزة القطيع وأخذ العديد من العوامل الأخرى في الاعتبار لاتخاذ خطوات تداول منطقية ومتوازنة.
كيف يمكن أن يستفيد المتداول من تأثير الهالة؟
هناك بعض الأشخاص الذين يمكن أن يستفيدوا من تأثير الهالة، وهناك آخرون لا يمكنهم فعل ذلك.
من الحقائق المعروفة أن السوق غير قابل للتنبؤ، والمتداولون المحترفون يفهمون أن معنويات ومشاعر الناس يمكن أن تقلب السوق رأسًا على عقب بغض النظر عن جميع الحجج المنطقية المبنية على التحليل الفني الكامل للسوق.
وبما أن تأثير الهالة هو ظاهرة نفسية تجعل الأشخاص يصلون إلى استنتاجات عامة حول الأصول المالية أو الشركات، يجب على المتداولين الانتباه إلى هذا الجانب واستخدام نتائج سلوك تأثير الهالة لصالحهم.
بناءً عليه، عندما يكون لدى شركة ما تأثير هالة عالٍ، يكون من الواضح للمتداول الحكيم أن أسعار الأسهم لهذه الشركة يمكن أن ترتفع استنادًا إلى تأثير الهالة كعامل نفسي دون الاعتماد على عوامل أخرى. تتيح معرفة هذا الاتجاه للمتداولين تحقيق ربح عن طريق الانضمام إلى جمهور مؤيدي الشركة في السوق المشوَّشين ذهنيًّا بسبب تأثير الهالة. فضلًا على ذلك، من الممكن الربح من المنطق المعاكس عند التداول بعيدًا عن تأثير الهالة المشوِّش نتيجة لظهور قادة جُدد للسوق.
ماذا يجب على المتداول فعله لتجنب تأثير الهالة؟
يحرص كل متداول على أن يصبح قدوة ناجحة. يرغب كل متداول في تحقيق الثروة والاستقلالية المالية. لكن الحواجز النفسية، مثل تأثير الهالة، تعترض طريق المتداولين، مما يحدُّ من آفاقهم بشكل كبير ويمنعهم من التطور الذاتي.
لقد أعددنا لك خصّيصًا بعض النصائح حول كيفية تجنب تأثير الهالة:
الالتزام و الانضباط
يساعدك الانضباط في التداول على تجنب الانقياد للعواطف والبقاء مُركِّزًا على أهدافك. الإدارة الذاتية والسيطرة الذاتية أمران حيويان للحصول على عوائد مستقرة واتخاذ قرارات سليمة في التداول اليومي.
الاستقلالية
يجب على المتداول أن يكون مستقلاً وأن يتوقف عن الاعتماد على آراء الآخرين واتباع نصائحهم دون تفكير. مفتاح النجاح في التداول هو التفكير المستقل. يجب على المتداول أن يحلِّل السوق بنفسه، وأن يستخدم حدسه، وأن يتعلم كيفية تصفية المعلومات التي يحصل عليها.
تطوير التفكير النقدي
التفكير النقدي أمر أساسي في روتين التداول اليومي. المتداولون الذين يمتلكون هذه القدرة عادةً لا يتداولون تحت تأثير الهلع والعواطف الجياشة أو اعتمادًا على الصدفة. يتحقَّق هؤلاء الأشخاص جيًدا من جميع المعلومات الواردة ويشككون حتى في أفكارهم وقراراتهم الخاصة. يتيح التفكير النقدي للمتداولين اتخاذ قرارات مدروسة مما يقلل من احتمالية حدوث الأخطاء.
حسّن معرفتك بالتداول
المتداول الناجح يدرس كل يوم. اقرأ الكتب، انضم إلى الدورات المتخصصة، تعلم عن المتداولين البارعين واستراتيجياتهم، شاهد الأخبار، و احضر مؤتمرات وندوات التداول.
راقب صحتك النفسية
لا، هذه ليست مزحة. الاستقرار العاطفي أمر أساسي. لذا، إذا شعرت بأنك متضايق أو متوتر، خذ استراحة و حاول الاسترخاء و استعادة تركيزك، و إلا سوف يصعب عليك اتخاذ القرارات الصحيحة و العقلانية و بالتالي سترتكب الأخطاء.
الخلاصة
تأثير الهالة هو ظاهرة نفسية تساعد الشركات على مضاعفة ثرواتها عن طريق بناء ولاء المستهلك المتميز ومن ثم رفع أسعار الأسهم للأعلى، أو قد يؤدي تأثير الهالة السلبي إلى تقليل ربحية الشركة وجعل أسعار الأسهم تنخفض.
يمكن للمتداولين المحترفين استغلال تأثير الهالة لمصلحتهم. لكن على الجانب الآخر، قد يتكبّد الهواة خسائر كبيرة بسبب هذا التحيز المعرفي. لتصبح متداولًا ناجحًا، يجب أن تظل متيقّظًا دومًا وأن تطوِّر تفكيرك النقدي، وتلتزم بخطة التداول الخاصة بك.
ستساعدك إرشاداتنا وتوصياتنا على تحسين أدائك كمتداول. انضم إلى FBS وابدأ مسيرتك الأسطورية في التداول.
الأسئلة المتكررة FAQ
ما هو تأثير الهالة؟
تأثير الهالة هو تحيز معرفي يجعل الأشخاص يخلقون انطباعًا عامًا استنادًا إلى السمات المرغوب بها لشخص أو شيء أو عملية دون أخذ الخصائص الأساسية الأخرى في الاعتبار. يُعقِّد تأثير الهالة عملية اتخاذ القرار ويؤدي إلى أحكام أو أفعال غير عقلانية.
لماذا يمكن أن يكون تأثير الهالة خطيرًا؟
تأثير الهالة يجعل دماغنا يستبعد المعلومات الضرورية التي لا تتوافق مع الصورة الوهمية التي لدينا عن كائن معين أو عملية ما. بسبب هذا التحيز المعرفي، نشكل صورة مثالية وليس واقعية في أذهاننا. وتبقى النتيجة المتوقعة لهذا خيبة أملٍ لا مفرَّ منها.
كيف يعمل تأثير الهالة؟
يحدث تأثير الهالة عندما يتشكل لدينا انطباع إيجابي عن شخص أو شيء أو عملية من جانب واحد وننقل ذلك إلى جانب آخر دون أن نحاول استكشافه وتقييمه بشكل موضوعي.