الاستثمار بالمقارنة مع التداول: ما الفرق؟

اقرأ المقالة على موقع FBS الالكتروني

cover.png

على مدى العقدين الماضيين، بدأ العديد من الناس في إظهار اهتمامهم بالربح من الأسواق المالية، سواء من خلال التداول أو الاستثمار. ولكن أصبح من الواضح أن الكثير من المبتدئين لديهم فهم أساسي للغاية لما ينطوي عليه الاستثمار والتداول حقاً، في حين أن البعض لا يعرف حتى الفرق بين هاتين الاستراتيجيتين.

في هذه المقالة سنلقي نظرة على ماهية التداول والاستثمار بالضبط، وما هي الاختلافات بينهما، وأي استراتيجية تناسبك بشكل أفضل.

أهم الدروس المستقاة

  • التداول والاستثمار من الاستراتيجيات المختلفة التي تتطلب كميات مختلفة من الجهد والوقت ورأس المال.
  • يجلب التداول ربحاً سريعاً وثابتاً بينما يحصل المستثمرون على أرباحهم بعد فترة زمنية معينة.
  • يستفيد المتداولون من تقلبات الأسعار على المدى القصير ويميلون إلى شراء وبيع الأصول خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
  • يضع المستثمرون أموالهم في استثمارات طويلة الأجل للسماح لهم بالنمو من حيث القيمة، ثم بيعها في وقت لاحق.

الاستثمار بالمقارنة مع التداول: الفروقات الأساسية

لنبدأ مع الأساسيات.

يتمثل الاختلاف الأكثر وضوحاً بين المستثمرين والمتداولين في فترة الاحتفاظ، أو مقدار الوقت الذي يحتفظون فيه بمراكزهم مفتوحة. يهدف المستثمرون إلى جني الأرباح من تغييرات الأسعار طويلة الأجل، مع الاحتفاظ بأوامرهم لشهور أو سنوات في كل مرة، بينما يستفيد المتداولون من تحركات الأسعار قصيرة الأجل، وأحياناً يغلقون تداولاتهم في غضون ساعات أو حتى ثوانٍ بعد فتحها.

الفرق الرئيسي الآخر هو حجم رأس المال الأولي الذي يحتاجه المستثمرون والمتداولون. نظراً لأن الربح من الاستثمارات يستغرق وقتاً طويلاً، فمن المعقول استثمار مبالغ كبيرة من المال دفعة واحدة. مع التداول، ليس من الضروري أن يكون لديك رأس مال ضخم لبدء التداول. إلى جانب ذلك، يرتبط التداول بالكثير من المخاطر، لذا يمكن أن يترك تجميع الكثير من الأموال في صفقات قصيرة الأجل للمتداولين قدراً كبيراً من الخسائر.

ولكن أكثر ما يثير اهتمام المبتدئين هو مقدار الربح المحتمل الذي يمكنهم تحقيقه من التداول أو الاستثمار. يميل المتداولون إلى كسب المال بمبالغ صغيرة كل يوم، بينما يهدف المستثمرون إلى تحقيق دخل طويل الأجل من أصولهم، وليس محاولة المشاركة بنشاط أو التحكم في مقدار الربح الذي يخططون للحصول عليه.

الآن بعد أن عرفنا الاختلافات الرئيسية بين الاستثمار والتداول، لنلقي نظرة على كلا الآليتين ونكتشف أيهما يناسب أهدافك وقدراتك بشكل أفضل.

1400-02.png

ما هو التداول؟

التداول هو إستراتيجية تتضمن شراء وبيع الأسهم والعملات والسلع والأدوات المالية الأخرى خلال فترة زمنية قصيرة. يركّز المتداولون على شراء الأصول بسعر أقل وبيعها بسعر أعلى، والاستفادة من تقلبات الأسعار على المدى القصير. إذ لا يهتمون بالأسواق المستقرة. في الواقع، كلما كان السوق أكثر تقلباً، زاد الربح الذي يمكن للمتداولين تحقيقه من كل صفقة.

يعتبر الوقت جوهرياً بالنسبة للمتداولين، لذا فهم يميلون إلى استخدام التحليل الفني والمؤشرات المختلفة للتنبؤ بالحركة المستقبلية للسعر ووضع الأوامر بسرعة لالتقاط تغيرات الأسعار ومحاولة الاستفادة منها. كما يحتاج المتداولون أيضاً إلى إبقاء أعينهم باستمرار على السوق لتحديد أفضل فرص التداول واستخدامها لمحاولة جني الأرباح.

شيء آخر مهم في التداول هو أن المتداولين يحتاجون إلى بذل الكثير من الجهد لتحقيق دخل ملحوظ، هذا إن وجِد دخل على الإطلاق. فعادة ما تكون تقلبات الأسعار التي يحاول المتداولون اللحاق بها صغيرة جداً، لذلك يتعين عليهم إجراء الكثير من الصفقات لتحقيق أهداف الربح الخاصة بهم. كقاعدة عامة، يترك الكثير من المتداولين وظائفهم بدوام كامل من أجل كسب دخل ثابت من التداول.

مزايا وعيوب التداول

لنطلع الآن على مزايا وعيوب التداول. تشمل مزايا التداول ما يلي:

  • الراحة. عندما يتعلق الأمر بشراء الأصول وبيعها، أن تكون متداولاً أمراً سهلاً. إجراء التداول في الأسواق المالية سريع وسهل، مما يسمح لك بفتح وإغلاق صفقة ببضع نقرات. هذا مهم جداً لأن المتداولين غالباً ما يتسابقون مع الوقت في محاولة لاغتنام أفضل الفرص.
  • أرباح كبيرة. يعتمد ربحك بشكل كبير على مقدار المخاطرة التي ترغب في تحملها، ورأس المال الخاص بك، وربحية الأصل الذي اخترته للتداول، واستراتيجيتك. لكن المتداولين الذين لديهم الفرصة لترك وظائفهم ومتابعة التداول بدوام كامل يمكنهم حقاً تحقيق ربح إجمالي جيد. يتيح لك التداول أيضاً سحب أرباحك مباشرة إلى حسابك المصرفي وقتما تشاء.
  • المزيد من الفرص. لا يشعر المتداولون بالإحباط عندما يكون السوق متقلباً أو يمر بترند هبوطي. حيث يمكنهم إيجاد طرق للربح من أي تغيرات في الأسعار لأنهم يضاربون على الفروق بين أسعار الفتح والإغلاق. فكلما زاد الاختلاف، زاد الربح الذي تحصل عليه (بالطبع، إذا كان هذا الاختلاف مناسباً لك).
  • الرافعة المالية. يمكن للمتداولين استخدام الرافعة المالية لشراء المزيد من الأوراق المالية أكثر مما يمكنهم تحمله بأموالهم الخاصة. إذ يمكن أن تزيد الرافعة المالية من أرباحك بشكل كبير، على الرغم من أنها تنطوي على بعض الشروط.

بالنسبة للعيوب، إليك بعض الأشياء التي يجب أن تفكر فيها قبل أن تقرر أن تصبح متداولاً:

  • مخاطرة أعلى. تحمل فرص الربح الأكبر المزيد من المخاطر. يقوم المتداولون بإجراء صفقات قصيرة الأجل في الأسواق المتقلبة، ولكن من الصعب التنبؤ بشكل صحيح إلى أين سيتجه السعر. من الشائع جداً أن يخسر المبتدئون رأس مالهم بالكامل في صفقة واحدة غير ناجحة. أضِف على ذلك، أنه في حين يمكن أن تزيد الرافعة المالية الأرباح، فإنها تزيد أيضاً من مقدار الخسائر التي قد يتكبدها المتداولون، مما قد يتسبب لهم في بعض الأحيان بديون ضخمة.
  • الدخل غير المنتظم. كثيراً ما قد يجِد المتداولون الذين تركوا وظائفهم بدوام كامل لمتابعة التداول كمهنة الحفاظ على دخل ثابت أمراً صعباً للغاية. حيث تعتمد أرباحهم على مقدار الصفقات التي يمكنهم إجراؤها، ولكن حتى إذا تمكنوا من الالتزام بخطة التداول الخاصة بهم، يمكن لصفقتين فاشلتين خفض إجمالي أرباحهم.
  • يستهلك الكثير من الوقت. إذا كنت ترغب في تحقيق ربح كبير من التداول، فأنت بحاجة إلى قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشة، والنظر في مخططات الأسعار والبحث عن فرص التداول. وهذا ما يجعل الكثير من الناس یمتهنون التداول.

1400-01.png

ما هو الاستثمار؟

الاستثمار هو استراتيجية طويلة الأجل تتضمن شراء أصل (أسهم، عقارات، سلع، معادن، إلخ) والاحتفاظ به لفترة طويلة مع توقع ارتفاع قيمته بشكل كبير.

على عكس المتداولين، يقوم المستثمرون عادةً بتطبيق التحليل الأساسي أثناء البحث عن الأصول التي يمكنهم الحصول عليها. ونظراً لأن هدفهم هو تحقيق ربح طويل الأجل، فهم مهتمون بمعرفة أرباح الشركة الحالية وإيراداتها وإمكانات نموها. بمجرد شراء أحد الأصول، فإنهم يلتزمون بالاحتفاظ بالأصل بشكل سلبي لفترة زمنية محددة مسبقاً، اعتماداً على أهدافهم (التقاعد، الرسوم الدراسية الجامعية، الدفعة الأولى للمنزل، إلخ).

وبما أن المستثمرين يميلون إلى الاحتفاظ بأصولهم لفترات طويلة من الزمن، فإنهم لا يتأثرون بتقلبات السوق على المدى القصير. فإذا واجه السوق كارثة ما، يميل المستثمرون إلى الانتظار حتى يستقر مرة أخرى. ولكن من أجل تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى، يميل المستثمرون إلى تنويع استثماراتهم والجمع بين عدة أصول من أسواق وصناعات مختلفة في محفظة واحدة. وبهذه الطريقة، إذا لم ينجح أحد استثماراتهم بالطريقة التي خططوا لها، فلن تتأثر أرباحهم بشدة.

مزايا وعيوب الاستثمار

تشمل مزايا الاستثمار ما يلي:

  • التغلّب على التضخم. يفقد المال قيمته خلال الوقت بسبب التضخم. ستكلّف الأشياء التي يمكنك شراؤها مقابل 100$ اليوم أكثر مما ستكلّفك غداً. لن يكون كافياً الاحتفاظ بالمال في حساب التوفير الخاص بك لتعويض الزيادة في الأسعار. لذلك يعدّ الاستثمار خياراً ذكياً إذا كنت تريد أن تسبق التضخم. ستزيد قيمة الأصول الخاصة بك، لذا ستتمكن من بيعها مقابل المزيد من المال في المستقبل.
  • الأرباح طويلة الأجل. يمكن أن يساعد الاستثمار في ضمان حصولك على المال في المستقبل. فبدلاً من جني الأرباح على الفور وإنفاقها، تقوم استثماراتك بتخزينها لوقت لاحق وتسمح لك ببناء ثروتك بمرور الوقت.
  • الأرباح. إذا كنت تستثمر في أسهم تدفع أرباحاً، فسوف تحصل على جزء من أرباح الشركة. يمكنك استخدام هذه المدفوعات كدخل إضافي، أو يمكنك توجيهها إلى استثماراتك وتنمية محفظتك بشكل أكبر.
  • جهد منخفض. مع الاستثمار، لن تضطر إلى قضاء الكثير من الوقت في مراجعة المخططات البيانية أو تحليل كل حركة في السوق. الشيء الوحيد الذي عليك القيام به هو المتابعة مرة واحدة في الأسبوع أو حتى في الشهر للاطلاع على أداء الأصول الخاصة بك وما إذا كنت بحاجة إلى تغيير شيء ما في محفظتك. بخلاف ذلك، لا يتطلب منك إجراء أي تغييرات على نمط حياتك الحالي أو ترك عملك لتحقيق المزيد من الدخل.

ولكن للاستثمار بعض العيوب أيضاً:

  • الأرباح البطيئة. مع الاستثمار، فإنك تترقب أرباحاً قد تستغرق وقتاً. قد يستغرق الأمر سنوات حتى ترتفع قيمة الأصول الخاصة بك بما يكفي لتحقيق ربح لائق. في غضون ذلك، إذا لم تحصل على توزيعات الأرباح، فلن تحصل على أي أرباح.
  • المخاطرة. عندما تقرر الاستثمار في شيء ما، عليك أن تدرك أن قيمة استثماراتك يمكن أن تنخفض بالفعل بمرور الوقت. حيث تميل الاستثمارات ذات العوائد المرتفعة، مثل الأسهم، إلى أن تكون أكثر خطورة نظراً لوجود المزيد من العوامل التي تؤثر على قيمة شركة معينة. لهذا السبب يتعين عليك مراقبة حالة السوق بانتظام، وإذا كانت بعض أصولك لا تعمل بالشكل الذي توقعته، فيمكنك استبدالها بشيء آخر أو البحث عن استثمارات إضافية لمحفظتك لإعادة توزيع المخاطر.
  • تكلفة الفرصة. يعني استثمار الأموال في الأصول أنه ليس لديك هذه الأموال في أموالك النشطة. فلا يمكنك حتى إنفاقها عندما يكون لديك حالة طارئة لأن إخراجها وبيع أصولك يستغرق وقتاً. وإذا انتهى بك الأمر إلى سحب بعض الأموال من حساب الاستثمار الخاص بك، فقد تفقد بعض المزايا وجزءاً من الأرباح المركبة التي جمعتها بالفعل.

أيهما أفضل؟

كما ترى، يعتبر التداول والاستثمار من الاستراتيجيات المختلفة إلى حد كبير والتي تتطلب قدراً مختلفاً من الجهد وتهدف إلى تحقيق نتائج مختلفة. تعتمد إجابة السؤال عن أيهما أفضل بالنسبة لك على أهدافك الشخصية.

هل ترغب في الحصول على دخل ثابت أو الحصول على ربح في وقت ما في المستقبل؟

هل أنت مستعد لقضاء عدة ساعات كل يوم أمام الشاشة؟ أم تفضل التحقق من أصولك مرة واحدة كل فترة؟

هل تستمتع بالعمل في بيئة سريعة الخطى وإجراء الكثير من الأبحاث؟ أم تفضل أسلوب الاستثمار المريح؟

يمكن أن يجلب لك التداول أموالاً أكثر من الاستثمار، ولكنه يتطلب منك المزيد من الوقت والجهد. بالإضافة إلى ذلك، فإن مخاطر التداول تفوق مخاطر الاستثمار، لذلك تحتاج إلى البحث بعناية في كل صفقة وقضاء الكثير من الوقت في تطوير خطة التداول الخاصة بك.

لكن في النهاية، أنت فقط من يعرف ما تحتاجه وما يمكنك فعله في ظل ظروفك الحالية.

الخلاصة

يتمتع كل من التداول والاستثمار بالقدرة على تحقيق أرباح كبيرة لمستخدميه. ولكن يتعين على كل من المتداولين والمستثمرين مواجهة صعوبات في طريقهم لكسب المال. قبل اتخاذ قرار بشأن ما يجب القيام به، من الأفضل تقييم أهدافك وتوقعاتك، بالإضافة إلى الموارد المتاحة لديك وما إذا كانت كافية للسماح لك بالتداول أو الاستثمار.

تحتفظ FBS بسجل لبياناتك لتشغيل هذا الموقع الإلكتروني. بالضغط على زر "أوافق", فأنت توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا.