التداول الآلي للعملات الرقمية: الدليل الشامل
بدأ تداول العملات الرقمية لأول مرة في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وشعبيته في تزايد مستمر منذ ذلك الحين. يوجد في سوق العملات الرقمية حالياً آلاف العملات الرقمية المتداولة وحوالي 300 مليون مستخدم للعملات الرقمية حول العالم. ويعتبر تداول العملات الرقمية الآن أحد أكثر الطرق ربحية لكسب المال كمتداول. وبالتالي هناك الكثير من المتداولين المستعدين للاستفادة من تحركات الأسعار قصيرة الأجل في سوق العملات الرقمية.
ولكن لا يملك الجميع الوقت والموارد اللازمة لتداول العملات الرقمية باستمرار. ولكن لحسن الحظ، هذا هو الوقت الذي يكون فيه التداول الآلي للعملات الرقمية مفيداً. سنتعرف في هذه المقالة على ماهية التداول الآلي للعملات الرقمية، وآلية عمله، ومزايا وعيوب هذه الأتمتة، وكيفية استخدامه لتعظيم أرباحك.
ما هو التداول الآلي للعملات الرقمية؟
التداول الآلي للعملات الرقمية هو أسلوب تداول يتضمن استخدام برامج متخصصة (روبوتات التداول) لشراء وبيع العملات الرقمية تلقائياً عند استيفاء شروط معينة. إذ تتيح روبوتات تداول العملات الرقمية للمتداولين الاستفادة من تحركات الأسعار دون الحاجة إلى مراقبة السوق بأنفسهم.
عندما تتداول دون استخدام أي برامج حاسوبية، يترتب عليك الكثير من المهام: مشاهدة المخططات البيانية، وتحليل البيانات، واستخدام الأدوات والمؤشرات المختلفة للعثور على أفضل الفرص لدخول السوق، وحساب المخاطر المحتملة، ووضع أوامر الشراء أو البيع والكثير غيرها. قد يكون القيام بذلك في وقت واحد مرهقاً جداً، وغالباً ما يفقد المتداولون، بغض النظر عن مستواهم، التركيز مما يؤدي لعدم انتباههم إلى بعض المعلومات المفصلية التي تحدّد بدورها نجاح أو فشل الصفقة.
ولكن روبوتات تداول العملات الرقمية لا تقع في هذه المشكلة. حيث بإمكانها تلقائياً (وأسرع بكثير) جمع وتحليل البيانات الضرورية وفتح وإغلاق الصفقات إذا تم استيفاء المتطلبات التي تم إدخالها مسبقاً. ويمكن أن يساعد برنامج التداول الآلي المتداولين على توفير الكثير من الوقت والطاقة والأرباح بسعر منخفض نسبياً.
ما هي آلية عمل التداول الآلي للعملات الرقمية؟
يعتمد برنامج التداول الآلي للعملات الرقمية على الخوارزميات. تحتوي هذه الخوارزميات على مجموعة من التعليمات والقواعد التي تهدف إلى حل مشكلة ما. وباعتبار أن التداول ينطوي على ترقّب حدوث ظروف معينة، يمكن أتمتة العملية برمتها عن طريق إنشاء خوارزميات يمكنها تحليل السوق وتنفيذ الصفقات عندما تتوافق ظروف السوق الحالية مع القواعد الحسابية.
هناك أنواع عديدة ومتفاوتة لبرامج التداول الآلي. أولاً، يمكنك أن تعيّن لنفسك مستشار خبير (EA). ويحلّل هذا البرنامج بدوره السوق وفقاً للإعدادات التي تقوم بتعيينها ويعطيك إشارات تداول. على سبيل المثال، قد يراقب المستشار الخبير بمذبذب RSI ويرسل لك إشارة شراء في كل مرة يصل فيها إلى منطقة “ذروة البيع”. الأمر الآخر الذي يمكنك استخدامه هو الروبوت الذي يتداول أثناء انشغالك بأشياء أخرى. يبحث هذا الروبوت عن فرص التداول ويفتح الصفقات ويغلقها ويدير المخاطر.
روبوتات التداول هي تطبيقات خارجية وليست مدمجة في منصات البورصة بشكل افتراضي. هناك عدة طرق لدمج برامج التداول الآلي في المنصات، ولكن عندما يتعلق الأمر بروبوتات تداول العملات الرقمية، فإن أكثرها انتشاراً هي تداول واجهات برمجة التطبيقات (API) ومنصات التداول اللامركزية.
- يتضمن تداول API استخدام برامج محددة (APIs) كوسيط بين روبوتات التداول ومنصات البورصة. حيث تسمح هذه الـAPIs للتطبيقات المختلفة بالتفاعل مع بعضها البعض. في التداول، تقوم واجهات برمجة التطبيقات (API) بتوصيل حساب المتداول مع روبوتات تداول العملات الرقمية، مما يسمح لها بتحليل السوق ووضع أوامر التداول نيابة عنك.
- تتيح منصات التداول اللامركزية لمتداولي العملات الرقمية التداول مباشرة دون الحاجة إلى استخدام أطراف ثالثة، مما يوفر الطريقة الأكثر أماناً لدمج برامج تداول العملات الرقمية الآلية. وتعتمد هذه المنصات على تقنية البلوكتشين التي تخزن ما يسمى بالعقود الذكية. هذه العقود الذكية هي عبارة برامج تحتوي على تعليمات لوضع أوامر التداول. بمجرد استيفاء جميع الشروط المحددة في العقد الذكي، ستقوم البلوكتشين بمعالجة وتنفيذ المعاملة. ويؤدي عدم وجود أطراف ثالثة في العملية إلى جعل روبوتات التداول التي تستخدم هذه التكنولوجيا أكثر أماناً لاستخدام حسابات التداول وحمايتها من التدخل غير المصرح به.
ماذا بوسع روبوتات التداول أن تفعل؟
بغض النظر عن الطريقة التي يتم بها دمج برنامج التداول الآلي في منصة التداول، تُعنى روبوتات التداول بنفس قائمة العمليات:
- تحليل بيانات السوق: يحتاج المتداولون إلى تحليل بيانات السوق لإجراء صفقات ناجحة، ويمكن لروبوتات التداول القيام بذلك أيضاً. إذ تستخرج المعلومات الضرورية بشكل أسرع بكثير مما يمكن للبشر القيام به يدوياً، ثم تستخدم البيانات المعالَجة ومؤشرات التحليل الفني للتنبؤ بالحركة المستقبلية للسوق والعثور على نقاط الدخول المحتملة؛
- تخصيص المخاطر: يمكن أن تقوم روبوتات التداول بتحديد طرق لإعادة توزيع رأس المال بين التداولات والاستثمارات المفتوحة المختلفة وفقاً للتعليمات التي عيّنها صاحب حساب الكريبتو؛
- تنفيذ الصفقة: بمجرد أن يحدّد البرنامج نقاط الدخول والخروج المحتملة، يمكنه وضع أوامر بيع أو شراء في السوق. إذ تركّز معظم روبوتات التداول على الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر مرتفع ضمن نطاق سعري محدد مسبقاً، ولكن من الممكن أيضاً استخدام الروبوتات التي تستفيد من تغيرات الأسعار بين بورصتين مختلفتين (تسمى روبوتات المراجحة).
ما هي مزايا التداول الآلي للعملات الرقمية
سرعان ما استولت روبوتات التداول الآلي على سوق العملات الرقمية وأصبحت أكثر شيوعاً من التداول اليدوي. في الواقع، قد ركب الكثير من غير متداولي الكريبتو هذا الترند وبدأوا في استخدام روبوتات التداول لزيادة الأرباح من تداولاتهم. وهناك العديد من الأسباب التي تبرّر اكتساب التداول الآلي الكثير من الاهتمام الإيجابي من المتداولين، وسنلقي عليها نظرة الآن.
الكفاءة
كما ذكرنا سابقاً، يُعتبر التداول نشاطاً يتطلب تنسيقاً عالياً بين العديد من المهام. يمكن لروبوتات التداول القيام بالعديد من أنشطة التداول، من جمع البيانات حول ظروف السوق الحالية إلى حساب الاتجاه المحتمل لحركة الأسعار وتنفيذ الصفقات. تقوم روبوتات التداول أيضاً بهذه المهام بشكل أسرع بكثير من البشر، مما يعني أنها قادرة على تنفيذ الصفقة بشكل أسرع ودون تأخير أيضاً.
وعلى عكس البشر لا تتعب روبوتات التداول، ويمكنها العمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. كما أن خطر ارتكاب أخطاء في الحساب معدوم عملياً (ما لم تكن البيانات التي تم إدخالها في البرنامج غير صحيحة).
عزل العواطف
العواطف عبارة عن ردود فعل فيزيولوجية عصبية معقدة يختبرها البشر أثناء حياتهم. وهي طبيعية وضرورية بالنسبة لنا لأنها تساعدنا على معالجة العالم من حولنا واتخاذ القرارات بناءاً على ما نشعر به. ولكن في التداول، غالباً ما تعيق العواطف نجاح العملية. يتعلّق الكثير من المتداولين بصفقاتهم، على أمل أن تنتهي الأمور لصالحهم. لكن غالباً ما تضر الارتباطات العاطفية أكثر مما تنفع، وتتسبب في فقدان المتداولين لفرص تداول جيدة أو خسارة المال.
لحسن الحظ، يعدّ وجود العواطف (أو انعدامها) أيضاً أحد الاختلافات الرئيسية بين البشر والآلات. لا يتم ربط روبوتات التداول بالصفقات المفتوحة. فهي تتبع مجموعة القواعد والتعليمات المعمول بها، وبمجرد أن يتجاوز السوق نقطة معينة، فإنها تغلق الصفقة دون التردد الذي نشهده غالباً عند المتداولين البشريين.
التنويع
إذا كنت ترغب في تقليل مخاطر محفظتك التجارية أو الاستثمارية، يمكنك محاولة تنويعها عن طريق استثمار أموالك في مجموعة متنوعة من الأصول المختلفة في نفس الوقت. مما يتيح لك حماية رأس المال الخاص بك إذا فشلت إحدى صفقاتك أو استثماراتك المفتوحة. ولكن من الصعب مواكبة سوق واحد، ناهيك عن العديد من الأسواق، لذلك لا يستغل العديد من المتداولين والمستثمرين هذه الفرصة.
وهذا أمر آخر يمكن أن تساعدك فيه روبوتات التداول. حيث يمكنها مراقبة حسابات تداول متعددة وتطبيق استراتيجيات مختلفة على أسواق مختلفة. عندما تبدأ إحدى الصفقات في الخسارة، يمكن لهذه الروبوتات اكتشافها بسرعة وإعادة تخصيص الأموال لتداولات مختلفة أو فتح صفقات جديدة. يتيح لك التداول الآلي الاستفادة من فرص التداول عبر أسواق متعددة دون الحاجة إلى تحمل الضغط الناتج عن محاولة التوفيق بين العديد من الصفقات في نفس الوقت.
ما هي عيوب التداول الآلي للعملات الرقمية
بالطبع، لا يمكن أن يكون الأمر مثالياً بشكل كلي، لذلك لا تزال هناك بعض العيوب التي يجب على المتداولين مراعاتها قبل استخدام برنامج التداول الآلي للعملات الرقمية.
تكاليف الصيانة
روبوتات التداول غير متاحة مجاناً، وعلى الرغم من أن الربح طويل الأجل سيعوض عن أي تكاليف صيانة، فلا يزال يتعين عليك وضعها في الاعتبار أثناء تطوير خطة التداول الخاصة بك. علاوة على ذلك، يفضّل بعض المتداولين بناء نظامهم الخاص من نقطة الصفر، والذي يمكن أن يكون أكثر أماناً ولكنه يكلّف الكثير من المال لإعداده، وقد يفوق كل الأرباح التي قد يجلبها لك النظام. كما يجب أيضاً مراعاة المصاريف الإضافية، مثل تكلفة خادم خاص افتراضي لضمان تداول سلس وغير متقطع على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
قلة المرونة
صُممت روبوتات التداول لاتباع مجموعة من التعليمات المحددة مسبقاً، مما يجعلها عديمة الفائدة في الأسواق شديدة التقلب حيث تتحرك الأسعار بسرعة كبيرة وغير متوقعة لا يمكن للبرامج اتباعها. في هذه الحالات، من الأفضل الانتقال إلى التداول اليدوي واستخدام استراتيجية تعتمد على علم النفس للاستفادة من تقلبات السوق.
فشل تشغيلي
يمكن أن تعمل أنظمة التداول الآلي على مدار الساعة دون توقف. ولكنها ليست مستثناة من الانقطاعات في الاتصال بالإنترنت أو انقطاع التيار الكهربائي. وستقف مكتوف الأيدي في حال طرأ أي من هذه الأحداث لتصحيح الأخطاء التي قد يتعرض لها الروبوت الخاص بك نتيجة لذلك بسرعة.
التداول الآلي للعملات الرقمية: الاستراتيجيات
هناك مجموعة متنوعة من استراتيجيات التداول المختلفة التي يمكنك تطبيقها على نظام تداول العملات الرقمية الآلي الخاص بك. ومع ذلك، قبل تنفيذ أي استراتيجية، من الضروري إجراء اختبار كفاءة عليها. إذ يُظهر اختبار الكفاءة ما إذا كانت الاستراتيجية قوية أم لا باستخدام البيانات التاريخية لاختبارها. إذا أثبت اختبار الكفاءة أن الاستراتيجية تحقق أرباحاً أكثر من الخسائر، فيمكن استخدامها في السوق الحقيقي بعد ذلك.
أما فيما يتعلق بالاستراتيجيات التي يجب اتباعها أثناء استخدام أنظمة التداول الآلي للعملات الرقمية، فإليك بعضاً من أكثرها شيوعاً التي يمكنك دمجها في تداولك:
- تداول الشبكة. يشير تداول الشبكة إلى استراتيجية روبوتات التداول التي تتضمن اختيار مستويات أسعار متعددة لتنفيذ أوامر التداول عندها. بمجرد أن يلامس السعر أحد مستويات السعر، يباشر الروبوت في الصفقة تلقائياً. يحتوي كل أمر شراء على أمر بيع مقابل له يقع أعلى منه بمستويين، مشكّلاً ما يشبه الشبكة. وتعدّ هذه الاستراتيجية واضحة إلى حد ما وتُظهر نتائج جيدة في الأسواق ذات تقلبات الأسعار العادية.
- تداول المراجحة. تراقب روبوتات تداول المراجحة بورصتين مختلفتين وتستفيد من الفروق في الأسعار بينهما. تتضمن هذه الاستراتيجية إجراء تداولات متكررة وسريعة (تستمر أحياناً لجزء من الثانية فقط) وترتبط عموماً بمخاطر منخفضة، على الرغم من أنه لا يزال هناك خطر الانزلاق، والذي يحدث عندما يتم تنفيذ الصفقة بسعر مختلف عن السعر المطلوب بسبب تقلبات السوق.
- تداول الزخم. تعتمد استراتيجية التداول هذه على التداول ضمن ترند السوق الحالي. حيث تقوم روبوتات التداول بجمع بيانات حول حجم العملات الرقمية المتداولة وتقلبات السوق والإطار الزمني للترند وتحديد قوته واتجاهه. بعد ذلك، إذا أشارت البيانات إلى أن الترند لم يفقد الزخم ولا يزال يتحرك في نفس الاتجاه، ستضع الروبوتات صفقات جديدة حتى يفقد الزخم.
- تداول ارتداد المتوسط. تعتمد استراتيجية ارتداد المتوسط على فكرة أن سعر الأصل سيعود دائماً إلى ترند مستقر أساسي بعد فترة من تقلب السوق أو تقلبات الأسعار الملحوظة. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى الاستفادة من التغييرات طويلة الأمد والمتطرفة في سعر الأصل مع افتراض أنها ستعود إلى الترند السابق. إذ يمكن لروبوتات التداول حساب هذا الترند وتخطيط تداولاتك حوله مع أخذها في الاعتبار أيضاً كيفية تأثير حركة السوق الحالية على متوسط الاتجاه الأساسي.
يمكن لهذه الاستراتيجيات أن تساعدك على تكوين فهم أفضل لكيفية عمل أنظمة التداول الآلي ومقدراتها الحقيقية.
الخلاصة
يعدّ التداول الآلي للعملات الرقمية بديلاً رائعاً للتداول اليدوي، على الرغم من احتوائه على بعض العيوب. وتعتبر روبوتات التداول فعالة وموثوقة بشكل مذهل من حيث الوقت، ويمكنها مساعدتك في تحقيق النتائج التي لم تخطر لك قط وبالتالي تعظيم أرباح التداول الخاصة بك.
في حال رغبتك في أتمتة تداولك بالعملات الرقمية مع FBS، يمكنك استخدام MetaTrader 5 للقيام بذلك. حيث تقدّم MT5 المستشار الخبير (EA) بالإضافة إلى دعم روبوتات التداول. كما يمكنك إعداد خادم VPS الخاص بك. وهو أداة خاصة تسمح لك بالبقاء على الإنترنت دون انقطاع حتى إذا لم يكن لديك اتصال ثابت بالإنترنت. إنه أمر مفصلي للتداول الآلي لأن القدرة على الاتصال بسهولة بالمنصة وإرسال إشارات سريعة أمر بالغ الأهمية للتداولات الناجحة.