كيفية إعداد خُطَّة لتداول العملات الرقمية
يزداد عدد متداولي العملات الرقمية كل يوم. وهذا ليس بالأمر الغريب نظرًا لكون سوق العملات الرقمية يتنامى بسرعة على مدى أكثر من عقد من الزمن. يرى المتداولون الكثير من المكاسب المحتملة في العملات الرقمية، ولهذا السبب يحظى هذا السوق بشعبية كبيرة في الوقت الحالي.
على مر السنين، اكتسبت العملات الرقمية سمعة كواحدة من أخطر الأدوات المالية للاستثمار فيها. يفقد العديد من المتداولين أموالهم في سوق العملات الرقمية. وبالرغم من أن خسائرهم قد تُعزى إلى تقلّبات العملات الرقمية، فمن الجدير بالذكر أن العديد من المتداولين يخفقون في التحضير لتداول العملات الرقمية أو الالتزام بخطة التداول الخاصة بهم.
تُعَدُّ خُطَّة التداول عنصرًا حاسمًا في نجاح المتداول. وبدونها، من المستحيل تحقيق الربح على المدى الطويل. في هذه المقالة، سنتعرّف على سبب أهمية خطط تداول العملات الرقمية وكيف تضع خُطَّة تداول بنفسك.
أهمية وجود خُطّة لتداول العملات الرقمية
قبل الخوض في أهمية الخُطَط في تداول العملات الرقمية، لنُعرِّف أولاً خُطَّة التداول. خُطَّة التداول هي مجموعة من القواعد التي يجمعها المتداولون لتحقيق أقصى ربحية ممكنة. تُسجِّل خُطَّة التداول المعلومات الأساسية حول التداولات المستقبلية، مثل التوقيت والحجم وأهداف الربح وما إلى ذلك. يضع كل متداول خُطَّة تداول فريدة تلبي أهدافه المالية وموارده وأسلوبه المُفضَّل ومستوى مهارته.
عندما يتعلق الأمر بتداول العملات الرقمية، فإن امتلاك خُطَّة تداول هو الشيء الوحيد الذي يحميك من الخسائر الوشيكة. قد تُغري العملات الرقميّة المتداولين بمكاسب عاليةٍ محتملةٍ، ولكن هذه الأدوات المالية متقلّبة للغاية، لذلك من المحتمل أن يؤدي التداول دون خُطَّة مدروسة إلى عواقب وخيمة.
ويمكن أن تساعدك خُطَّة التداول أيضًا على تطوير نظام تداول والالتزام به، وهو أمرٌ مهمٌّ بشكل خاص للتداول في الأسواق عالية الضغط مثل سوق العملات الرقمية. إذ يمكن أن ترشدك خطط التداول عندما تشعر بالضياع أو تنقاد وراء انفعالاتك لدرجةٍ تمنعك من اتخاذ قراراتٍ عقلانيةٍ، وتسمح لك بتتبّع وتحليل تداولاتك السابقة للرجوع إليها في المستقبل.
والآن، بعد أن تعرّفنا على أهمية خُطَط تداول العملات الرقمية، فقد حان الوقت لتعلُّم كيفية إعدادها.
الخطوة الأولى: تحديد أهداف وغايات تداولك
أول شيء عليك القيام به لوضع خُطَّة لتداول العملات الرقمية هو تحديد أهدافك. قد يبدو كلامنا مكررًا لبعض المتداولين، لكن غالبًا ما يقوم المتداولين عديمي الخبرة بتخطّيها تمامًا في عجلة من أمرهم لكسب المال بأسرع وقت ممكن. ولكن دون أهدافٍ واضحةٍ، من الصعب تحديد الوقت المناسب لإغلاق الصفقة، مما يؤدي إلى تفويت فرص الخروج الجيدة.
لذلك قبل أن تبدأ العمل على خُطَّة التداول الخاصة بك، فكّر بما تريد الحصول عليه من التداول. هل تريد التركيز على صفقاتٍ طويلةِ الأجل ذات عوائد أعلى؟ أم هل ستلتزم بدلاً من ذلك بالتداول اليومي بمكاسب أقل ولكن أكثر تواتراً؟ هل تفضّل الأدوات المالية منخفضة المخاطر، أم أنّك مستعدٌّ لتحمّل مخاطر أعلى؟ ما هي توقعات أرباحك الأسبوعية والشهرية والسنوية؟
تتطلّب الإجابة على هذه الأسئلة دراسة متأنّية إذ تعتمد خطة التداول بأكملها على إجاباتك.
الخطوة الثانية: استخدام التحليل الأساسي والفني
لا يمكن التداول إلا من خلال تحليل السوق لتحديد فرص التداول المحتملة. هناك العديد من المصادر والأدوات والمؤشرات المختلفة التي يمكن أن تساعدك في الحصول على معلومات مهمة حول ظروف السوق الحالية. ليس من الضروري بالطبع استخدامها جميعًا في وقت واحد، لكنك تحتاج إلى معرفة المبادئ العامة للتحليلات الأساسية والتقنية.
يدرس التحليل الأساسي العوامل الأساسية التي تؤثر على حركة السوق. فيما يتعلق بتداول العملات الرقمية، تشمل هذه العوامل مقاييس البلوكتشين وكمية العملة الرقمية ومعدل التجزئة وما إلى ذلك. من خلال تحليل هذه المعلومات، يمكنك تحديد قيمة العملة الرقمية ومعرفة ما إذا كانت مقوَّمة بأقل من قيمتها أو بقيمة مبالغ فيها، وتحديد ما إذا كنت تريد تداولها.
عندما يتعلّق الأمر بـالتحليل الفني، فإنه يتضمّن دراسة حركة السعر الحالية عبر مخططات الأسعار ومقارنتها ببيانات السوق التاريخية. أحد المبادئ الأساسية للتحليل الفني هو أن التاريخ يعيد نفسه. لذلك، بناءًا على السجلات المتراكمة لتحرّكات الأسعار السابقة، يمكنك وضع تنبؤات حول تحرّكات السوق.
هناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من المؤشرات التي تعتمد على التحليل الفني والتي تقيس معايير مختلفة: مؤشرات الحجم ومؤشرات الاتجاه ومؤشرات الزخم ومؤشرات الدعم/المقاومة وما إلى ذلك. أنت بحاجة إلى معرفة كيفية استخدام هذه المؤشرات لجمع بيانات شاملة لخطة التداول الخاصة بك.
الخطوة الثالثة: اختيار العملات الرقمية المُراد تداولها وتحديد أحجام الصفقات
بمجرّد أن تفهم كيفية استخدام التحليل الأساسي والفني، يمكنك اختيار العملة الرقمية التي تريد تداولها. يجب مراعاة أمرَين رئيسيين عندما يتعلق الأمر بتداول العملات الرقمية:
- اتجاه السوق. تحدّد تفضيلاتك فيما يتعلق باتجاه حركة السعر الأصل الذي يجب عليك تداوله. هل تُفضّل أن تكون ثورًا أم دبًا؟ ودعونا لا ننسى قوة الاتجاه. سواء كان الاتجاه قويًا أم ضعيفًا، أو مضبوطًا على الاستمرار أو الانعكاس، فمن الضروري مراعاته عند وضع خُطَّةٍ للتداول.
- تقلّبات الأسعار. تشتهر العملات الرقمية بتقلّباتها. يمكن أن تساعدك معرفة ما إذا كانت العملة الرقمية شديدة التقلّب على فهم فرص نجاحك بشكل أفضل في حال كنت تريد تداولها.
بعد اتخاذ القرار، تحتاج إلى تحديد حجم صفقاتك. أحد أخطر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها المتداولون المبتدئون هو وضع رصيدهم بالكامل في صفقة واحدة. لذلك، من المهم اتخاذ قرار بشأن أحجام الصفقات مقدمًا. بهذه الطريقة، من المرجَّح أن تقاوم الرغبة في فتح صفقات كبيرة وزيادة المخاطر.
الخطوة الرابعة: تحديد نقاط الدخول والخروج
الخطوة المنطقية التالية هي حساب نقاط الدخول والخروج لصفقات العملة الرقمية الخاصة بك. يعتمد هذا الأمر على استغلالك لمهاراتك في التحليل الفني لأنك بحاجة إلى دراسة مخططات الأسعار للعثور على فرصة للدخول. ولكن قبل أن تقرّر الدخول في صفقة ما، عليك التأكّد من وجود نقطة خروج منها. بدون وضع مخرجٍ محتملٍ في الاعتبار، من الصعب معرفة متى يجب أن تتوقّف.
إذا رأيت مدخلاً محتملاً، فابحث عن مستوى لوضع هدف الربح. يمكنك اختيار مستوى سعر ينتهي برقم كامل (مثل 90$) أو زيادته بنسبة مئوية صحيحة (مثل 10%). أهم شيء يجب تذكّره هو أن تظلَّ عقلانيًا. إذا قمت بتعيين خروجك على مستوى عالٍ للغاية، فإنّك تخاطر بعدم الوصول إليه مطلقًا وتفويت الفرص الأخرى.
بالنسبة لنقاط الدخول، يجب أن تبحث عن إشارة دخول على الرسم البياني. إذا وجدت واحدةً ورأيت مخرجًا محتملاً، يمكنك حينها فتح صفقة. لكن لا تضع الكثير من القيود أو القواعد لنقاط الدخول الخاصة بك لأن هذا قد يحرمك من فرص تداول جيدة.
الخطوة الخامسة: تطوير استراتيجية إدارة المخاطر
يمكننا القول أن الجزء الأكثر أهمية في أي خُطَّة تداول هو تطوير استراتيجية إدارة المخاطر. ونظرًا للطبيعة المتقلّبة للعملات الرقمية، فإنّ وجود خُطَّة شاملة لإدارة المخاطر غالبًا ما يكون هو سرُّ النجاح.
في إدارة المخاطر، تحتاج أولاً إلى اتخاذ قرار بشأن رأس مال التداول الخاص بك. ما هو المبلغ الذي تستطيع تحمّل المخاطرة به؟ عمومًا، ستسمع نصيحة بعدم المخاطرة بأكثر من 5% من رأس مالك في صفقة واحدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتداول العملات الرقمية.
الأمر التالي هو وضع أوامر إيقاف الخسارة. يمكن لهذه الأوامر إغلاق صفقاتك بمجرد وصول السعر إلى مستوى معيّن. لهذا السبب، حتى إذا لم تحصل على أي ربح من صفقتك، فلن تخسر كثيرًا أيضًا لأن أوامر إيقاف الخسارة تحدّد مقدار الخسائر المحتملة. كما يمكن أن يكون استخدام أوامر جني الأرباح أو أوامر الحد أثناء التخطيط لنقاط خروجك مفيدًا أيضًا، حيث تقوم هذه الأوامر بإغلاق صفقاتك تلقائيًا.
الخطوة السادسة: تنفيذ خُطَّة التداول الخاصة بك ومراقبتها
بعد الانتهاء من الاستعدادات الأولية، حان الوقت لتنفيذ خطة التداول الخاصة بك. في البداية، من الأفضل اختبارها في الصفقات الصغيرة لمعرفة ما إذا كانت ناجحة في التداول الفعلي. إذا لم تواجه أي مشكلات، يمكنك استخدامها في صفقاتٍ أكبر.
بالإضافة إلى خطط التداول، من الضروري الالتزام بالقواعد التي وضعتها لنفسك. يُعَدُّ تداول العملات الرقمية أمرًا مرهقًا، وغالبًا ما يكون من الصعب الحفاظ على هدوئك عند التعامل مع الأسواق المتقلّبة. يمكن لخطط التداول أن تثبّت خُطاك وتساعدك على التركيز على أهدافك في هذه المواقف في حال اتبعتها دون الانقياد وراء عواطفك.
يجب ألا تنسى أيضًا أنه عليك مراقبة تداولاتك وخطة تداولك حتى وإن وضعت أوامر إغلاق تلقائيٍّ لصفقاتك. يتّسم تداول العملات الرقمية بالتقلّب، ويمكن أن تكون قفزات الأسعار شديدةً وقد تتجاوز أوامرك دون تفعيلها. لذا كُن حاضرًا في تداولاتك للتأكّد من أن كل شيءٍ يسير وفقًا للخطة.
الخطوة السابعة: تقييم خطتك وتعديلها حسب الحاجة
لا يوجد شيءٌ مثاليٌّ 100% في هذه الحياة. من المنطقي أن تجد أنّ خُطّة التداول الأولية الخاصة بك ليست كاملة. يمكنك دائمًا تعديلها أو حذفها بالكامل وإنشاء خُطّةٍ جديدة. الأمر يعود لك، والشيء الوحيد الذي يجب أن تقلق بشأنه هو ما إذا كانت خُطَّة التداول الخاصة بك تحقّق لك الربح. كما يُعَدُّ الاحتفاظ بسجلاتٍ لتداولاتك طريقةً ممتازةً لتحليل مدى فاعلية خطتك. وطالما أنك تسعى جاهدًا لتحسين مهاراتك والاستمرار في تطويرها، فالفرصةُ متاحة أمامك لتصبح متداولًا ناجحًا.
الخلاصة: فوائد وجود خطة شاملة لتداول العملات الرقمية
يمكن أن يحقّق تداول العملات الرقمية أرباحًا عالية ولكنه أيضًا قد يُثقِل كاهلك بالديون إذا لم تكن حريصًا في تداولاتك. يمكن أن يساعدك امتلاك خطة تداول للعملات الرقمية على تحسين مهاراتك في التداول، وتعلّم كيفية اتخاذ قراراتٍ مستنيرةٍ، والمحافظة على تنظيم صفقاتك واستقرار أرباحك، وتعليمك كيفية التعامل مع تحرّكات السوق غير المتوقعة. لا تؤجّل وضع خُطَّةٍ للتداول إذا كنت ترغب في تحقيق أقصى استفادةٍ من كل فرصة تداول.
