ماذا سيحدث في حالة انهيار سوق الأسهم
يلعب سوق الأسهم دورًا حاسمًا في الاقتصاد العالمي، حيث يُوفِّر الفرص للمستثمرين لشراء وبيع أسهم الشركات المتداولة علنًا. ومع ذلك، فإن سوق الأسهم ليس مُحصنًّا ضد فترات التقلّبات، وأحد أكثر الأمور رعبًا والتي يمكن أن تحدث هو انهيار سوق الأسهم.
في هذه المقالة، سنستكشف ماهية انهيار سوق الأسهم وتداعيات هذا الانهيار، وسنستعرض أيضًا أمثلة عن حدوث ذلك سابقًا، وسنتكلّم عن الخطوات التي يجب اتخاذها إذا واجهنا مثل هذا الموقف كمستثمرين.
ما هو انهيار سوق الأسهم؟
انهيار سوق الأسهم هو انخفاضٌ مفاجئٌ وحادٌّ في القيمة الإجمالية لسوق الأسهم. أثناء الانهيار، تنخفض أسعار الأسهم، ممّا يؤدي في كثير من الأحيان إلى البيع العشوائي وتراجع ثقة المستثمرين. يمكن أن يكون لانهيارات سوق الأسهم عواقب بعيدة الأمد، ولكن هناك فرقٌ بينها وبين تصحيحات السوق.
تُعتَبَر تصحيحات السوق أمرًا طبيعيًا وتحدث عادةً عندما تنخفض الأسعار بنسبة 10% على الأقل عن قممها الأخيرة. على العكس من ذلك، تعدُّ انهيارات البورصة أحداثًا نادرةً نسبيًا، لذا من الضروري الاستعداد لها مسبقًا.
ما هي أسباب انهيار سوق الأسهم؟
تختلف أسباب انهيار سوق الأسهم. قد تحدث الانهيارات وسط الانكماش الاقتصادي الناجم عن ضعف الاقتصاد، وفقاعات المضاربة حيث يدفع المستثمرون الأسعار إلى ما هو أبعد من القيمة الفعلية للأصول، والأحداث الجيوسياسية مثل الحروب أو عدم الاستقرار السياسي، والعديد من الأسباب الأخرى. بالرغم من أن بعض الظروف قد تزيد من احتمالية حدوث انهيار في سوق الأسهم، فإنّه لا يمكن التنبؤ بتوقيت وشدّة الحادث.
كم من الوقت يستغرق ذلك عادةً؟
يمكن أن تختلف مدة انهيار البورصة بشكلٍ كبير اعتمادًا على الأسباب الكامنة وراءه ومدى سرعة استعادة ثقة المستثمرين. قد تكون بعض الانهيارات قصيرةً نسبيًا، وتستمرُّ لبضعة أيام أو أسابيع فقط، بينما يمكن أن تمتدَّ حالاتٍ أخرى على مدار عدة أشهرٍ أو حتى سنوات.
حدث أقصر انهيارٍ مُسَجَّل، والمعروف باسم الاثنين الأسود، في 19 أكتوبر 1987، عندما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبةٍ تزيد عن 22% في يومٍ واحد. ومع ذلك، استعاد السوق معظم تلك الخسائر خلال عامٍ واحد.
ومن ناحيةٍ أخرى، كان أطول انهيارٍ في التاريخ سبباً في إشعال شرارة الكساد الكبير، الذي بدأ في عام 1929 واستمر حتى عام 1932. وخلال هذه الفترة، شهد سوق الأسهم انحداراً مطولاً، فخسر ما يقرب من 90% من قيمته.
انهيارات البورصة الكبرى وعواقبها على مرِّ السنين
انهيار وول ستريت، 1929
السبب: المبالغة في تقييم الأسهم والمضاربة على نطاقٍ واسعٍ في السوق.
العواقب: الدمار المالي، والاضطراب الاقتصادي، وفقدان الوظائف بشكلٍ مهول.
الاثنين الأسود، 1987
السبب: الافتقار إلى التنظيم والرقابة في القطاع المالي الأمريكي.
العواقب: انخفاضاتٌ حادّةٌ في مؤشرات الأسهم الرئيسية، وفقدان ثقة المستثمرين، وتقلّباتٍ في الأسواق المالية.
فقاعة أسعار الأصول اليابانية، 1989-1992
السبب: ضعف الأنظمة المالية وحوكمة الشركات واستثمارات المضاربة في العقارات والأسهم.
العواقب: فترةٌ طويلةٌ من الركود الاقتصادي المعروفة باسم العقد الضائع.
الأزمة المالية الآسيوية، 1997-1998
السبب: البيع بدافع الذعر، والعملات المبالغ في قيمتها وفقاعات الأصول، وارتفاع مستويات الديون الخارجية والاقتراض.
العواقب: انخفاضٌ كبيرٌ في قيمة العملة، وانهيار أسواق الأسهم، والركود الاقتصادي، مع خسارة العديد من الأسواق الآسيوية لجزءٍ كبيرٍ من قيمتها خلال هذه الفترة.
انفجار فقاعة الدوت كوم، 2000-2002
السبب: الاستثمار المضارب في الشركات المرتبطة بالإنترنت والمبالغة في تقييم أسهم التكنولوجيا.
العواقب: انهيار العديد من شركات الدوت كوم الناشئة مما أدى إلى خسائر كبيرةٍ للمستثمرين.
الأزمة المالية 2008
السبب: انهيار سوق الإسكان في الولايات المتحدة وأزمة الرهن العقاري.
العواقب: انهيارٌ ماليٌّ عالميٌّ حادٌّ عندما شهدت مؤشرات الأسهم الرئيسية، بما في ذلك مؤشر داو جونز و S&P 500، انخفاضاتٍ كبيرة، مع مواجهة العديد من المؤسسات المالية للإفلاس أو اقترابها جدًّا من الانهيار.
خلال هذه الانهيارات التاريخية وغيرها، خسر ملايين المستثمرين مبالغاً كبيرةً من المال، وكانت التداعيات الاقتصادية هائلة. اضطرت الحكومات والبنوك المركزية إلى اتخاذ تدابير استثنائية لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية، ومنع إفلاس البنوك على نطاقٍ واسع، وتحفيز النمو الاقتصادي. تضمَّنت هذه التدابير عمليات إنقاذٍ ضخمةٍ للمؤسسات المالية، وحزم التحفيز المالي، وإجراءات السياسة النقدية مثل خفض أسعار الفائدة وتنفيذ التيسير الكمي.
ماذا يحدث للمحافظ الاستثمارية؟
عندما ينخفض السوق، يمكن أن تتعرَّض الأسهم لخسائر في الأسعار. قد تُرهق الخسائر كاهل أولئك المستثمرون الذين يشعرون بالذعر ويبيعون ممتلكاتهم أثناء الانهيار، ويصبح من الصعب عليهم استرداد استثماراتهم بمجرد استقرار السوق.
تتضمّن أسوأ السيناريوهات التي قد تتعرَّض لها استثماراتك أثناء انهيار سوق الأسهم ما يلي:
- انخفاضٌ حادٌّ في قيمة المحفظة الاستثمارية: يمكن أن يؤدي الانكماش الحاد في السوق إلى انخفاضٍ كبيرٍ في القيمة الإجمالية للمحفظة الاستثمارية.
- خسارة مدخرات التقاعد: يمكن أن تتعرّض حسابات التقاعد المُستَثمَرة بكثافةٍ في سوق الأوراق المالية لخسائر كبيرة، مما يعرِّض الخطط المالية طويلة الأجل للخطر.
- نداءات الهامش والبيع القسري: قد يواجه المستثمرون الذين اشتروا الأسهم باستخدام الأموال المُقتَرَضة على الهامش نداءات الهامش، مما يجبرهم على بيع الأصول بأسعارٍ غير مواتيةٍ للوفاء بالتزاماتهم.
ماذا يجب أن تفعل في حالة انهيار سوق الأشهم؟
ابقَ هادئاً
صحيحٌ أنّ انهيارات السوق بإمكانها أن تُسبِّب لك الكثير من القلق، لكن من المهم أن تظلَّ هادئًا وأن تتجنَّب اتخاذ قراراتٍ متسرِّعةٍ ومدفوعةٍ بالعواطف.
لا تقُم ببيع الاستثمارات
يمكن أن يحوّل بيع الاستثمارات أثناء انهيار السوق الخسائر الموجودة فقط على الورق إلى خسائر حقيقية. بدلاً من ذلك، ركّز على استراتيجية استثمارٍ طويلة الأجل.
الشراء أثناء انهيار السوق
بالنسبة لأولئك الذين بحوزتهم أموالٌ متاحة، يمكن أن يكون انهيار السوق فرصةً لشراء أصولٍ عالية الجودة بأسعارٍ منخفضة. بالنسبة لمن يتداولون الأسهم، فهذه أيضًا فرصةٌ للمضاربة على تقلّبات الأسعار.
طلب المشورة من الخبراء
اطلب المشورة من المستشارين الماليين أو المتخصصين الذين يمكنهم تقديم رؤى واستراتيجيات.
التنويع
يمكن أن يساعد تنويع استثماراتك عبر فئات الأصول المختلفة في تخفيف المخاطر أثناء فترات الركود في السوق.
الملخص
يمكن أن يكون لانهيارات سوق الأسهم عواقب بعيدة المدى على الاقتصاد والمستثمرين الأفراد. رغم أن الأمر قد يكون مُقلقاً، إلا أن التاريخ يشهد أن الأسواق تتعافى في نهاية المطاف بمرور الوقت. من خلال فهم طبيعة الانهيارات، والحفاظ على الهدوء، واتخاذ قراراتٍ حكيمة، يمكن للمستثمرين اجتياز هذه الفترات الصعبة ووضع أنفسهم في موضعٍ يمكّنهم من تحقيق الاستقرار المالي والنجاح على المدى الطويل.
الأسئلة المتكررة FAQ
ما هو أكبر انهيارٍ في تاريخ سوق الأسهم؟
يعدُّ انهيار وول ستريت عام 1929 أكبر انهيارٍ في سوق الأسهم على الإطلاق. كان هذا الانهيار بمثابة بداية الكساد الكبير، وهو أحد أشدِّ حالات الانكماش الاقتصادي في التاريخ. الدمار الاقتصادي والتأثيرات طويلة الأمد التي تركها هذا الانهيار خلفه هما السببان الرئيسيّان وراء اعتباره أكبر انهيارٍ في سوق الأسهم.
أين يجب أن تستثمر أموالك استعدادًا للانهيار؟
الأسلوب الأفضل هو امتلاك محفظةٍ متنوّعةٍ بشكلٍ جيدٍ للمساعدة في تقليل تأثير الانهيار. يمكنك توزيع استثماراتك عبر فئات الأصول المختلفة، مثل السندات والمعادن الثمينة والمشتقات وغيرها.
هل تكون انهيارات سوق الأسهم أكثر شيوعاً خلال أوقاتٍ معيّنةٍ من السنة؟
يمكن أن تحدث انهيارات سوق الأسهم في أي وقتٍ ولا يمكن التنبؤ بها بشكلٍ عام. يتأثّر سلوك السوق بمجموعةٍ واسعةٍ من العوامل، بما في ذلك الظروف الاقتصادية والأحداث الجيوسياسية ومعنويات المستثمرين ومعنويات السوق بشكلٍ عام. على هذا النحو، قد تكون محاولة التنبؤ بتوقيت وقوع انهيار ما أمرًا صعبًا.