تقرير مُصوّر - الذهب يتغذى على فيروس كورونا... كيف؟!
الذهب يحب الفوضى، ويتغذى على التوترات، وينتعش في أجواء عدم اليقين والأزمات. لذلك، لم يختلف وضع المعدن الثمين مع انتشار فيروس كورونا وتحوله من أزمة صحية عالمية إلى أزمة اقتصادية طاحنة ستنتهي بفترة ركود عنيف، فها هو يُثبت جدارته كواحد من أهم أصول الملاذ الآمن في الأوقات الصعبة.
يتحرك الذهب في الاتجاه المعاكس للدولار، فعندما ترتفع العملة الأمريكية، ينخفض الذهب، والعكس صحيح. وهذا يفسر لماذا انهارت أسعار الذهب إلى ما دون 1500 دولار للأونصة لأول مرة في 2020 في شهر مارس الماضي بالتزامن مع إعلان فيروس كورونا وباءٍ عالميًا. إذ اتجه المستثمرون إلى بيع الذهب لجني الأرباح في محاولة لتغطية الخسائر التي تكبدوها. بينما اضطرت الشركات إلى تسييل الذهب الذي بحوزتهم مقابل الحصول على الدولار لتوفير السيولة اللازمة.
ولكن من بعد هذا الهبوط العنيف، تعافى الذهب وقفزت أسعاره إلى ما فوق مستويات 1770 دولار للأونصة، وهو أعلى مستوى له منذ 7 سنوات. كما إن إغلاق المناجم وتوقف الإنتاج بسبب انتشار الوباء دعّم ارتفاع أسعار الذهب بسبب قلة المعروض.
وارتفع الطلب على الذهب في الربع الأول من عام 2020 إذ أدت المخاوف بشأن فيروس "COVID-19" إلى زيادة الطلب على المعدن اللامع. وقفز إجمالي الطلب على الاستثمار في الذهب بنسبة 80٪ على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى في أربع سنوات، بمقدار 539.6 طن متري في الربع الأول.
- لماذا يُعد الذهب ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات؟
1) يحتفظ بقيمته ولا يفقدها مع مرور الزمان:
على الرغم من توافر الذهب بكميات ضخمة على مستوى العالم بما يكفي لتداوله، إلا أنه محدود الكمية والعرض، لذلك يمكن اعتباره معدن نادر وذو قيمة عالية.
ومع اتجاه البنوك المركزية إلى طباعة المزيد من الأموال لدعم الاقتصادات أمام تداعيات الفيروس السلبية و توقف الإنتاج والاستثمارات، يخشى الكثيرون في أن يتسبب ذلك في ارتفاع التضخم. وفي هذه الحالة، ستتأثر أصول الملاذ الآمن والأسهم وستفقد قيمتها إلا الذهب، لأنه يحتفظ بقيمته لفترة زمنية طويلة. ولهذا يراه الناس كملجأ أمام هذه المخاطر في أوقات الأزمات.
2) مناطق دخول الصفقات مرتفعة للغاية:
في كل مرة يهرب فيها المستثمرون إلى الذهب لحمايتهم من مخاوفهم، ترتفع أسعاره أكثر وأكثر. فالذهب يتغذى على هذا الخوف، ويجني متداولو الذهب ومستثمروه الأرباح والأموال. وعندما تهدأ الأوضاع، يخسر الذهب وتهبط قيمته.
(على سبيل المثال، انخفضت عقود الذهب الآجلة لشهر يونيو بعد أن قررت بعد البلدان إعادة فتح الاقتصاد بعدما تخطوا ذروة الوباء، بالإضافة إلى أن قرارات البنك المركزي الأوروبي لاحتواء تبعات الفيروس الاقتصادية لم تكن حازمة بشكل الذي توقعه المتداولون. فكلما استقرت الأوضاع، قل الطلب على الذهب)
ومع زيادة التوترات العالمية وحالة عدم اليقين، أصبحت أسعار الذهب أعلى مما يستحق، إذ من المفترض أن يبلغ متوسط سعره على المدى الطويل حوالي 600 أو 700 دولار للأونصة.
وهذا لا يعني أن أسعار المعدن النفيس لن ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة وسط الظروف الاستثنائية التي نعيشها حاليًا وعودة الحرب التجارية بين الصين وأمريكا وعدم التوصل للقاح أو علاج لفيروس "كوفيد-19". ولكن ما نعنيه هو أن مناطق دخول الصفقات اليوم مرتفعة للغاية لأن المعدن الأصفر هو رمز الحماية في وقت انعدام الاستقرار، ولكنها قد تكون فرصة ممتازة للدخول الآن، إذا قفز الذهب إلى مستويات 2000 دولار للأونصة أو أكثر.
- ما هي توقعات البنوك العالمية للذهب؟
- بنك أوف أمريكا: أسعار الذهب ستصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق وهو 3000 دولار للأونصة بحلول نهاية 2021. ولن يكون الصعود مستقيمًا أو على مرة واحدة، بل سيواجه الذهب بعض التحديات مثل الدولار القوي أو استقرار الأسواق المالية أو انخفاض الطلب على المجوهرات خاصة من الهند والصين.
- بنك "UBS": هناك إمكانية متزايدة للذهب لكسر 1800 دولار للأونصة. وعلى المدى القريب، يرى البنك سعر مستهدف عند 1790 دولار للأونصة.