تقرير مُصوّر - لماذا تستمر الأسهم في الصعود أثناء وباء فيروس كورونا والركود العالمي؟
لا تُنكر، جميعنا تسألنا عن نفس شيء، كيف تستمر الأسهم الأمريكية في كسر مستويات قياسية وتحقيق أرباح خيالية، بينما يُعاني الاقتصاد الأمريكي الأمرين. الإجابة ببساطة؛ أسواق الأسهم والمؤشرات ليست مرأة الاقتصاد.
فعلى الرغم من أن العالم يعيش أسوأ جائحة منذ 100 عام، وتواجه الولايات المتحدة واحدًا من أشد فترات الانكماش والركود الاقتصادي منذ الكساد الكبير، إلا أن مؤشر "S&P 500" ارتفع بأكثر من 50% من أدنى مستوى له في أواخر مارس، بعدما فقد ثلث قيمته مع بداية الوباء وانهيار الأسواق.
إذن، لماذا تنتعش الأسواق أمام هذه الأخبار الاقتصادية السيئة؟ هناك عدة تفسيرات وأسباب منطقية، لنستعرضها سويًا!!
- 1) لكل بداية نهاية، وبالتأكيد، سينتهي وباء فيروس كورونا يومًا ما؛ مهما طال الأمر.
- تتطلع الأسواق إلى المستقبل دائمًا والأيام المُشرقة التي تنتظرها. وعلى الرغم من أن وقت الانتظار غير معلوم، إلا أن أسواق الأسهم واثقة من أن هذا الوباء سيذهب قريبًا، خاصة مع الأخبار الإيجابية بشأن اقتراب التوصل للقاح فعال أو عدة لقاحات حتى. فإذا تم توزيع اللقاح على نطاق واسع في أواخر هذا العام أو أوائل العام المقبل، فمعنى ذلك أن الحياة قد تعود لطبيعتها في وقت أقرب مما كان متوقعًا.
- 2) معدلات الفائدة المنخفضة.
- نعم، الأسهم باهظة الثمن بلا شك، لكنها تبدو رخيصة مقارنة بعائدات سندات الخزانة الأمريكية. وتدعم الفائدة المنخفضة أسعار الأسهم، وهذا سيساعد على رفع قيمتها عند حساب الأرباح المستقبلية.
- 3) التحفيزات النقدية الهائلة من الاحتياطي الفيدرالي.
- أدى التحفيز من مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة المعروض النقدي في الاقتصاد الأمريكي. ووجدت بعض هذه الأموال منزلاً في سوق الأسهم. وعلى مدار التاريخ، لطالما تحرك نمو المعروض النقدي وأسعار الأسهم معًا جنبًا إلى جنب، فكلما ازدادت كمية الأموال في الأسواق، ارتفعت أسعار الأسهم الأمريكية. وهو ما حدث بالتأكيد خلال الأشهر الماضية.
- 4) الرابحون من أزمة فيروس كورونا هم الداعم الأكبر لسوق الأسهم.
- ازدهرت أسهم "البقاء في المنزل"، (stay-at-home stocks) أثناء الحجر الصحي العالمي. ورأينا خير الدليل على ذلك في تقارير الأرباح المذهلة من بعض عمالقة التكنولوجيا مثل: أمازون وجوجل وفيسبوك. وأضف لذلك، حوالي 40٪ من الشركات المُدرجة في مؤشر "S&P 500" تُصنف بأنها شركات تكنولوجية أو شركات وسائل الإعلام الرقمي أو التجارة الإلكترونية، وهي خدمات سهلت علينا حياتنا الفترة الماضية. ولا ننسى أيضًا، الشركات الحيوية التي لا يمكن الاستغناء عنها في هذه الأجواء الاستثنائية الصعبة مثل قطاعات السلع الاستهلاكية الأساسية والاتصالات والمرافق. لذلك، ستستمر هذه الشركات في تحقيق الأرباح وزيادة قيمتها السوقية في هذه البيئة المناسبة.
- 5) أداء مؤشر "S&P 500" مختلف عن أداء الاقتصاد الأمريكي نفسه.
- توجد اختلافات بين سوق الأسهم والاقتصاد الأمريكي. فمؤشر "S&P 500" مثلًا مدفوع أكثر بقطاع التصنيع، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة مدفوع بقطاع الخدمات. وبالطبع، كانت ضربة قطاع الخدمات أقوى ولها أضرار أعمق بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي وعمليات الإغلاق التي أجبرت الأشخاص على البقاء في المنازل. ويمثل إنفاق المستهلكين أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأمريكي.
كما أن مؤشر "S&P 500" مؤشر عالمي، بينما يُعد الناتج المحلي الإجمالي محليًا. فحوالي 40٪ من مبيعات شركات التكنولوجيا المدرجة في "S&P 500" تأتي من الخارج. في حين أن الصادرات الأمريكية في الناتج المحلي الإجمالي لا تمثل سوى 13٪ من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
الخاتمة: وفي النهاية، ارتفاع أسعار الأسهم خلال فترات الركود أمرًا معتادًا. إذ ارتفعت أسعار الأسهم فـ 7 من أصل الـ 12 فترة ركود الماضية، بمتوسط 5.7%. لذك، لا نعتقد أن سوق الأسهم في فقاعة أو أن المستثمرين في وول ستريت مغرورون لدرجة إنكار مدى سوء الأوضاع بالفعل في أمريكا بسبب فيروس كورونا. فالوضع، بالطبع، مزري للغاية حاليًا، ولكنه سيتحسن ولو قليلًا خلال سنة تقريبًا. وهذا ما يهم المستثمرين؛ المستقبل.