تقرير - التضخم والدولار والاقتصاد الأمريكي، ماذا نتوقع؟
جاء الوباء، وتوقفت الحياة وأغلقت كل الاقتصادات وسط صدمة الجميع. وخلال هذه الفترة فقّد الملايين من الأمريكيين وظائفهم وتوقفوا عن الإنفاق، لينهار بعدها كل شيء في عجلة الاقتصاد الأمريكي.
وهنا تدخلت الحكومة الأمريكية وبنك الاحتياطي الفيدرالي لإنقاذ الوضع. ولجأ البنك إلى أداتين وهما؛ خفض معدلات الفائدة وبرامج التيسير الكمي (شراء السندات) - وهي طباعة الأموال لشراء السندات الحكومية أو أي أصول أخرى، وضخ هذه الأموال الضخمة في الأسواق لإنعاشها.
والآن، وبعد أكبر حملة تطعيم في التاريخ وبعد تلقيح أكثر 42% من سكان الولايات المتحدة، بدأت الحياة في العودة إلي طبيعتها مع فتح الاقتصاد أبوابه مجددًا. ولكن، ظهرت مشكلة أخرى تُقلق الأسواق حاليًا وهي، التضخم.
- » لماذا تنتظر الولايات المتحدة ارتفاع التضخم؟
خلال أزمة كورونا، ارتفعت البطالة في أمريكا إلى مستويات قياسية (14.7%). لذلك كان على الحكومة الأمريكية التدخل لمساعدة الاقتصاد، ومررّت أول حزمة تحفيز بقيمة 2.2 تريليون دولار، ومن ضمنها 1200 دولار شيكات تحفيز لإعانة ملايين الأسر والعاطلين عن العمل. ثم أضافت الحكومة 600 دولار آخرين في ديسمبر 2020، وفي مارس 2021، أضافت شيكات جديدة بقيمة 1400 دولار.
وفجأة، أصبح لدى الكثير من الأمريكيين 1400 دولار زيادة ليُنفقونها، دون الحاجة إلى الرجوع إلى العمل. وماذا سيفعل هذا بالاقتصاد؟ بالظبط، سترتفع الأسعار بشكل جنوني مع زيادة الاستهلاك وقلة الإنتاج، وستفقد الأموال قيمتها مع مرور الوقت، وهذا هو التضخم الذي يخشاه الجميع.
» ونعم، ينتظر الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع التضخم إلى 2%، ولكن بشكل مؤكد ومستدام. لذلك عندما جاءت قراءة التضخم في أبريل الماضي 4.2%، لم يتحرك الفيدرالي لكبح التضخم، لماذا؟ لأنه متأكد أن هذا الارتفاع مؤقت، نتيجة عودة فتح الاقتصاد وزدياة إنفاق المستهلكين من التحفيزات التي يحصلون عليها، وليس بسبب عودتهم للعمل.
وهو الهدف الثاني الذي يريده الفيدرالي؛ تحقيق العمالة الكاملة لتعود عجلة الاقتصاد للدوران بشكل سليم.
» وما يٌقلق الفيدرالي حاليًا، هو أن يعود الاقتصاد الأمريكي للانكماش مرة أخرى عندما يسحب التحفيزات والأموال التي ضخها في الأسواق، لماذا؟ لأنه بذلك سيكون سحبها قبل تعافي الاقتصاد تمامًا، وقد يعود لنقطة الصفر مجددًا.
وفي الوضع الطبيعي للاقتصاد، يُعد ارتفاع التضخم والأسعار أمرًا صحيًا، لأنه هناك من ينتج وهناك من يستهلك. ولكن ما يحدث الآن هو اعتماد الأمريكيين على الشيكات التي يتلقونها من الحكومة وما أدخروه أثناء بقائهم في المنازل.
فهنا، سنجد زيادة كبيرة في معدلات الإنفاق، وعلى أثرها، سترفع الشركات أسعار المنتجات والخدمات بشكل مبالغ فيه. وهذا سيُغرق الأسواق بالأموال وستهبط قيمة العملات. وهذا هو التضخم المُفرط الذي لا يريده الجميع.
» ما يريده الفيدرالي هو قليلًا من التضخم المفيد لتعويض ما خسره الاقتصاد خلال فترة ركود الوباء، وهو ليس بقليل. لذلك لا يقلق الفيدرالي والكثير من الاقتصاديين من ارتفاع التضخم في الوقت الحالي، وسنجدهم مستمرين في طمأنة الأسواق وتهدئة مخاوفهم.
» ما تأثير التضخم على الدولار الأمريكي؟
1. استعداد الفيدرالي لتحمل التضخم بعض الوقت يُحد من قوة الدولار، وسيظل ضعيفًا مقابل باقي العملات. وهذا سيكون عاملًا إيجابيًا للذهب بالطبع.
2. أما، "EUR/USD": ارتفع اليورو مقابل الدولار حوالي 2.5% في مايو الماضي. وستظل اليد العليا لليورو مع استمرار الفيدرالي في السياسات التيسيرية.
3. وسينقلب الميزان، عندما يرفع الفيدرالي الفائدة ويشدد السياسة النقدية استجابة لارتفاع التضخم بشكل مستدام، مما سيدعم الدولار، والذي يُتوقع حدوثه في 2022.
4. ويتوقع بنك مورغان ستانلي أن يبلغ زوج "اليورو/الدولار" ذروته عند 1.24 في صيف 2021، قبل أن يهبط اليورو إلى 1.18 دولار في يونيو 2022 مع تشديد الفيدرالي لسياسته.