تقرير مُصوّر - البريكست يؤذي الإسترليني، فهل من اتفاق ينقذ الوضع؟!

اقرأ المقالة على موقع FBS الالكتروني

محادثات البريكست البائسة للتوصل لاتفاق يسهل حياة الجميع قبل انتهاء الفترة الانتقالية مع نهاية 2020 مثل الدب الذي قتل صاحبه. فالأمور تزداد سوءًا، وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يسيران في اتجاهين عكسيين؛ مهددين بتمزيق كل ما يربطهما أثناء هذه المعركة التاريخية. ويوازن الطرفان حاليًا فرص الخروج دون اتفاق وكيفية تخفيف وطأة هذه الكارثة. فما تأثير "بريكست بلا اتفاق" على الإسترليني المجهد؟ 

1 (44).png

  • » ما هي القضايا الشائكة التي تقف عقبة في طريق البريكست؟
  • 1) حقوق الصيد:

2 (46).png

- أول مسألة لدينا هي حقوق الصيد. فمن الطبيعي أن ترغب المملكة المتحدة في الخروج من أي التزامات تجبرها على إتباع سياسة الصيد المشتركة (Common Fisheries Policy)، خاصة مع استنزاف الموارد البحرية وذهاب معظم الصيد إلى السفن غير البريطانية. فالمياه البريطانية للصيادين البريطانيين، وهي من أسهل الشعارات التي يتم بيعها للجمهور. 

وعلى النقيض، يفضل الاتحاد الأوروبي الاحتفاظ بإمكانية الوصول لهذه الثروات وأكبر مساحة ممكنة من المياه البريطانية، بما أن الكثير من صيد المملكة المتحدة ينتهي به الأمر على الموائد الأوروبية. إذ يصطاد الاتحاد ما قيمته 600 مليون إسترليني من الأسماك كل عام. أما بريطانيا تريد استعادة هذه الأعمال، وتقول إنها ستعطي الأولوية لقواربها بعد 1 يناير 2021 عندما تصبح دولة ساحلية مستقلة. 

وطالبت بروكسل بالوصول غير المقيد إلى المياه البريطانية، لمدة 10 سنوات كثمن الانفصال. لكن قد يوافق الاتحاد على خفض المدة إلى 5 أو 7 سنوات كفترة انتقالية من الترتيبات الحالية إلى مفاوضات سنوية تقرر فيها بريطانيا من لديه حق الوصول وما حصته. وقد تسمح بريطانيا لفرنسا ودول أخرى بالاحتفاظ بنسبة 50% من حصصها الحالية في السنة الأولى، مع تقليصها تدريجيًا بمرور الوقت.

وفي حالة الخروج بلا اتفاق، تستعيد بريطانيا السيطرة الكاملة على مياهها في 1 يناير، مما يعني حظر فرنسا وباقي الدول من الصيد دون إذن المملكة. وتعتبر قضية الصيد مسألة اقتصادية ثانوية لكل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولكنها مهمة سياسيًا؛ خاصة لفرنسا وبلجيكا حيث القوارب هي مفتاح المجتمعات الساحلية، بينما ترمز لاستعادة بريطانيا لسيادتها.

  • 2) قواعد المنافسة العادلة: 

3 (43).png

هي أهم قضية فاصلة وذات تأثير واضح وصريح، ويتعلق الأمر ببساطة بتكافؤ الفرص التي تحدد مصير مليارات الجنيهات من الأعمال، الآن وفي المستقبل. وهي جزء أساسي في معظم اتفاقيات التجارة الحرة، لضمان عدم تمتع شركات جهة واحدة بميزة غير عادلة على منافسيها.

إذ يخشى الاتحاد الأوروبي من أنه بمجرد أن تصبح المملكة حرة من الالتزامات التي تأتي مع عضوية الاتحاد، أن تبدأ سباق تقليل المعايير مثل خفض الضرائب أو تخفيف القوانين واللوائح على الشركات لجعل السلع والخدمات البريطانية أكثر تنافسية وجاذبية، ودعم الصناعات والشركات البريطانية على حساب الأخرين. وبالطبع، سيكون لذلك عواقب وخيمة على منتجي الاتحاد الأوروبي. وعلى الناحية الأخرى، تقلق الحكومة البريطانية من أن قواعد المنافسة العادلة ما هي إلا وسيلة لحملها على مواصلة إتباع قواعد الاتحاد حتى بعد الطلاق.

ولهذا السبب تريد بروكسل من لندن الالتزام بقواعد الاتحاد بشأن أشياء معينة مثل حقوق العمال، والمعايير البيئية التي تتبعها الشركات، ومساعدات الدولة (الإعانات المالية التي تقدمها الحكومة للشركات). ويصر الاتحاد على أنه إذا أرادت بريطانيا الوصول إلى السوق الموحدة بدون جمارك، فلا يمكنها تقويض الاتحاد الأوروبي. أما بريطانيا ترى إن الهدف الأساسي من البريكست هو التحرر من قواعد النادي الذي غادرته للتو. إذ من المفترض أن يمنح البريكست المملكة المتحدة القوة لاستعادة سيادتها وتأسيس نظامها التجاري الخاص.

  • 3) آلية التحكيم وتسوية النزاعات:

4 (45).png

منبع هذه القضية هو قلة الثقة بين الطرفين، وهي من أكثر العلاقات التي ساءت بين لندن وبروكسل منذ استفتاء البريكست 2016. ففي كل منعطف رئيسي، تصرفت بريطانيا بطرق تثير حفيظة الاتحاد الأوروبي حول ما إذا كانت ستتصرف بحسن نية أم لا.

لذلك يريد الاتحاد الأوروبي ضمان أن يكون لأي صفقة آلية تنفيذ قوية وفعالة، واللجوء لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي للحكم في المسائل المتعلقة بقانون الاتحاد الأوروبي وآلية الرد الانتقامي. ووجهة نظر المملكة المتحدة هي بما أنها ليست جزءًا من الكتلة، فلا يجوز أن تظل ملزمة بنظامه القانوني.

وتريد بروكسل أن تكون قادرة على اتخاذ إجراءات سريعة ضد بريطانيا إذا خرقت الالتزامات التي تعهدت بها في الاتفاق التجاري، خاصة منذ أن قرر جونسون، في سبتمبر الماضي، انتهاك  أجزاء من اتفاق الخروج المبرم في العام الماضي مع الاتحاد الأوروبي بقوانين جديدة تلغي اتفاقية الانسحاب فيما يتعلق بأيرلندا الشمالية.

  • » وماذا بعد؟ اتفاق أم لا اتفاق؟!

5 (43).png

- بالرغم من أن كفة "بريكست بلا اتفاق" هي الراجحة إلا أن نتيجة لقاء بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أمس كانت مثمرة نوعًا ما. إذ اتفقت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على مواصلة المحادثات "لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق حتى في هذه المرحلة المتأخرة"، خاصة مع اقتراب الموعد النهائي لانتهاء الفترة الانتقالية في 31 ديسمبر. كما كرر جونسون تحذيره بأن سيناريو الخروج دون صفقة ما زال هو "الأرجح".

  • » ما تأثير محادثات البريكست المضطربة على الإسترليني والأسواق؟

6 (33).png

- إذ انتهت محادثات البريكست دون اتفاق سيؤدي هذا إلي موجة جديدة من عمليات البيع العنيفة على الجنيه الإسترليني، مما قد يغرق العملة البريطانية لتساوي واحد دولار. وقد تتراجع أسعار أسهم الشركات البريطانية بنسبة 7%، وفي مقدمتها أسهم قطاع البنوك.

وحذر بنك (Morgan Stanley) من أن مؤشر (FTSE 250) البريطاني، والذي يحتوي أكبر 250 شركة في المملكة المتحدة خارج مؤشر (FTSE 100)، قد ينخفضان بنفس القدر 10٪. ويتوقع البنك أن تهوي أسعار أسهم البنوك البريطانية الكبرى بنسبة تصل إلى 20٪، لأن بنك إنجلترا قد يستجيب لسيناريو بريكست بلا اتفاق بأسعار فائدة سلبية، لأول مرة في تاريخه، للتخفيف من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الاضطراب في موانئ المملكة المتحدة اعتبارًا من 31 ديسمبر.

وارتفع الإسترليني بنسبة 1.2٪ إلى 1.3384 دولارًا مع بداية الأسبوع، بعد أن وافق السيد جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية على مواصلة العمل لحين إبرام اتفاقية ما بعد البريكست.

وفي النهاية نعود لنقطة البداية وهي أن: لا شيء من هذا جديد، فبعد سنة من المحادثات المكثفة لم تحل أيًا من هذه النقاط الثلاث الشائكة، لذلك من الصعب توقع تخطي هذه العراقيل في الوقت الضيق المتبقي، ولكن لن نفقد الأمل. فنحن نعلم كم يحب السياسيون الإثارة ولقطة اللحظة الأخيرة!!

Nour Eldeen Al-Hammoury

شارك مع أصدقائك:

المماثل

أحدث الأخبار

التسجيل الفوري

تحتفظ FBS بسجل لبياناتك لتشغيل هذا الموقع الإلكتروني. بالضغط على زر "أوافق", فأنت توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا.