تقرير - هل يمكن تعويض قوة الصين، المحرك الأساسي للطلب على النفط؟
تخيل عندما تكون أقل حركة أو تغير في الأوضاع في الصين يؤثر على سوق النفط لدرجة أن تهبط الأسعار حوالي 2% على خلفية ما يحدث هناك. نعم، هذه هي قوة بكين بالنسبة لأسواق النفط، فهي أكبر مستورد للنفط والغاز في العالم، وثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة بالطبع.
فعندما يذكر بنك جولدمان ساكس أنه يتوقع انخفاض طلب الصين على النفط بمقدار مليون برميل يوميًا في الشهرين المقبلين، عما كان متوقعًا في السابق، بسبب ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الصين، بالتأكيد ستنتشر المخاوف في الأسواق وسيقلق المستثمرون بشأن تعافي الطلب على النفط.
في العام الماضي، أخرج المشترون الصينيون وحدهم أسعار النفط من حالة الركود، عندما خزنوا السلع الرخيصة لملء الاحتياطيات، مستفيدين من أسعار النفط الرخيصة. والآن، هذا الاعتماد المفرط يأتي بنتائج عكسية، عندما تبدأ الأسعار تنخفض بسبب البيانات التي تأتي من الصين.
» لماذا انخفض طلب الصين على النفط؟
ولكن كيف تحولت الصين من المحرك الأول لإنقاذ النفط من حالة الركود التي أصابته بسبب الوباء، لتصبح هي من تجره للأسفل الآن؟ إذ كانت بكين هي الاقتصاد الوحيد المنتعش في أواخر 2020 وحتى النصف الأول من 2021، بينما كانت تُعاني الولايات المتحدة وأوروبا.
1. عودة انتشار فيروس كورونا!
مع عودة ظهور فيروس كورونا في الصين، انخفضت أسعار بشكل حاد في بداية الأسبوع الماضي. وانتشر متحور دلتا الجديد في الصين إلى أكثر من نصف مقاطعات البلاد البالغ عددها 34، وارتفعت أعداد الإصابات للأسبوع الرابع على التوالي.
وصحيح أن حالات الإصابة بالفيروس في ارتفاع قوي في الولايات المتحدة، لكنها لم تؤدي إلى أي عمليات إغلاق هناك، على عكس ما يحدث في الصين. كما أن توقعات الطلب على النفط في الولايات المتحدة مشرقة للغاية مع تمرير مشروع البنية التحتية بقيمة تريليون دولار، التي من شأنها تعزيز الطلب على المنتجات النفطية.
2. عودة قيود السفر!
اضطرت السلطات الصينية إلى فرض القيود على الحركة، ردًا على موجة الإصابات الأخيرة. وشملت هذه الإجراءات؛ تقييد حركة السفر وإلغاء الرحلات الجوية وزيادة القيود في وسائل النقل العام وسيارات الأجرة. كما اتخذت السلطات إجراءات دراماتيكية أخرى، بما في ذلك عزل المدن وإغلاق أماكن الترفيه. وهذا أضاف بالطبع إلى المخاوف المتزايدة بشأن تباطؤ الطلب على الوقود.
3. البيانات السلبية من الصين!
علامات الضعف تظهر على الاقتصاد الصيني، والنمو الاقتصادي في تراجع، إذ:
1) تباطأ نمو نشاط المصانع الصينية إلى أدنى مستوى في 15 شهرًا في يوليو. كما تباطأت واردات النحاس وخام الحديد وسط ارتفاع الأسعار والقيود على تصنيع الصلب في الصين.
2) وكان نمو الإنتاج الصناعي هو الأبطأ منذ 11 شهرًا، إذ ارتفع بنسبة 6.4٪ فقط عن العام الماضي (التوقعات 7.8%). وتراجع إنتاج السيارات كذلك بسبب النقص العالمي في أشباه الموصلات.
3) كما كان نمو مبيعات التجزئة في يوليو هو الأضعف على مدار العام بنسبة 8.5% في يوليو، بعد ارتفاعه في يونيو حوالي 12.1%.
4) وتراجعت معالجة النفط الخام في الصين الشهر الماضي إلى أدنى مستوى على أساس يومي منذ مايو 2020، مع تخفيض مصافي التكرير المستقلة الإنتاج وسط تشديد الحصص وارتفاع المخزونات وتراجع الأرباح.
وأخيرًا، لا يجب أن ننسى أن حملة بكين على إساءة استخدام حصص الاستيراد، وتضييق الخناق على مصافي التكرير المستقلة، جنبًا إلى جنب مع تأثير ارتفاع أسعار الخام قد يؤدي إلى انخفاض نمو واردات الصين من النفط إلى أدنى مستوياتها في عقدين في عام 2021.
وعلى الرغم من عودة الاقتصاد الصيني إلى مستويات نمو ما قبل الوباء، لكن يبدو أن التوسع الاقتصادي يفقد قوته مع معاناة الشركات من ارتفاع التكاليف واضطرابات سلاسل التوريد. واعتماد عالم النفط بشكل كبير على شهية الصين هو حقيقة يجب أن نتذكرها من وقت لآخر، ونستعد للتعامل معها عندما تحدث مشكلة بها. فهي سلاح ذو حدين.